ومن آثار تعلم القرآن الكريم، تحريك القدرات وشحذ القريحة واكتساب الألمعية، مما يدفع إلى السعي الجاد في استكمال المعارف الفقهية وتعضيدها.
وفي ضرب الأمثال وإلحاق النظير بنظيره، والتنبيه على العلل والحِكم الشرعية ما يلفت النظر إلى القياس ويربي في نفس المتعلم القدرة عليه (١)، وهو مورد الفقه ومدده الذي لا ينقطع.
كما أن تعلم القرآن الكريم، يقوي العزيمة على التفقه، فكلما كان المتعلم أشد إقبالاً على القرآن، وتعظيماً له كان به أفهم؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: ١٧].
وفوق ذلك، فإن الله تعالى قد أعلى مقام الفقهاء، ورفع مكانتهم وجعل كلمتهم الكلمة الفاصلة بعد أمرا لله وأمر رسوله، قال تعالى: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: من الآية٥٩] وأولوا الأمر: الفقهاء والعلماء(٢).
مما يفسح مجالاً رحباً للفقهاء، لقيادة الأمة وتوجيهها، ويمدهم بالعزيمة والإصرار، ويدعو الجميع إلى الانضمام إليهم والاقتداء بهم.
المبحث الثاني
أثر تعلم القرآن الكريم في معرفة الأحكام الفقهية
وفيه تمهيد ومطلبان:
المطلب الأول: أثر تعلم القرآن الكريم في إيجاد البيئة الفقهية.
المطلب الثاني: وسائل معرفة الأحكام الفقهية في القرآن الكريم.
التمهيد :
(٢) أخرجه ابن جرير و ابن ابي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس وجابر بن عبدالله رضي الله عنهما واخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن ابي حاتم عن عطاء، كما في الدر المنثور ٤/٥٠٢، ٥٠٥.