ومن عرف مذاهب العرب في الخطاب وافتنانها في الأساليب أدرك ما في القرآن الكريم من إعجاز في ألفاظه ومعانيه، وما يتميز به من شرف بيان وقوة منطق وروعة أسلوب وسلاسة ترتيب ونظم (١) حتى قال القائل في رهبة ودهشة ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً ﴾ [الجن: من الآية١] فيشهد المتعلم للقرآن ذلك، ويتعلم منه حُسن الأسلوب وعذوبة البيان، والبراعة في الإيجاز والاختصار وجمع المعاني الكثيرة في القليل من الألفاظ، ويتعرف على معاني العموم والخصوص والإطلاق والتقييد والمنطوق والمفهوم والتنبيه والإيماء وغيرها، من أبواب الأصول وقواعد فهم الأدلة الشرعية، مما لا يُعرف إلا بفضل علم العربية ولا يجد له نظيراً في غير القرآن الكريم.
المطلب الثاني
أثر تعلم القرآن الكريم في معرفة المقاصد الشرعية والقواعد الفقهية
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أثر تعلم القرآن الكريم في معرفة المقاصد الشرعية.
المسألة الثانية: أثر تعلم القرآن الكريم في معرفة القواعد الفقهية.
المسألة الأولى: أثر تعلم القرآن الكريم في معرفة المقاصد الشرعية:
كلما كان الفقيه بالمقاصد الشرعية (٢) أعرف كان أقدر على الاجتهاد، وأقوم نظراً وأشد فهماً وأزكى استنباطاً (٣).
(٢) المقاصد الشرعية: الحكم والمعاني المرادة من الأحكام الفقهية. ينظر ابن تيمية، بيان الدليل ٣٤١.
(٣) ينظر: السبكي، الابتهاج ١/٨.