، من خلال تظافر جهود إدارتها ومدرسيها لترسيخ قيم وتعاليم الإسلام في نفوس متعلمي القرآن الكريم، بهدف إيجاد مواطن صالح يمكن أن يسهم في تنمية وتطوير مجتمعه وفي تحقيق أمنه (( فلو أن شباب الأمة اعتصم بهذا الكتاب الكريم، وأعطاه حقه وحظه من العناية والتدبر والدرس، لما رأينا ما انحدر إليه حال بعضهم من فساد في التصور، وخطأ في الفهم، فأورثهم ذلك ما أورثهم من الانحراف عن منهج الله القويم، وهم إنما أتوا من قلة البصر بهذا الكتاب، وضعف التهدي به )) (١)، ومن جهة أخرى فإن اجتماع الطالب مع زملائه في تلك المدارس والتعلّم معهم يعتبر وسيلة تربوية لإقباله وحبه للدرس القرآني، ويساعده ذلك على سرعة الحفظ وزيادة كميته نتيجة لرؤيته لأقرانه وهم يقومون بأوجه نشاط مماثلة أو سماع أصواتهم عند القراءة، فالتعليم الجماعي أنفع للطلاب من التعليم الفردي في المنزل ؛ لأن الجماعية والمصاحَبة في التعليم تؤدي إلى التكامل الاجتماعي والتآزر السلوكي بين الطلاب، وهم بحاجة إلى ذلك، ومدارس تعليم القرآن الكريم تشبع هذه الرغبة المركوزة في نفوسهم (٢)، وإذا عاش الطالب مع القرآن أصبح سليم الصدر، مهذب الأخلاق، مطمئن النفس، قريباً من الله تعالى، وانعدم فيه الاضطراب والقلق والانحراف، وأصبح رفيقاً محسناً في تعامله مع الناس، ويعظم ذلك إذا كان الطلاب يتعلمون القرآن في المسجد، فإنه المكان الذي تهنأ في رحابه القلوب، وتجد فيه الخلاص مما يساورها من قلق، والنجاة مما تشعر به من خوف؛ إذ تتلى فيه آيات القرآن الكريم، ويسمع في أنحائه كل ما يطهر القلوب،

(١) من كملة معالي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة، رئيس المجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ـ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، التقرير السنوي للجمعية "حصاد السنابل" للعام ١٤٢٦هـ ص(٦).
(٢) ينظر : مهارات التدريس في الحلقات القرآنية، د. الزهراني ص(٢٤٥، ٣٥١).


الصفحة التالية
Icon