... نستنتج مما سبق أن أي ترجمة استشراقية لمعاني القرآن الكريم إنجليزية كانت أم غير ذلك، لا تخلو من أخطاء وهفوات غير مقصودة ترجع في مجملها لكون المترجم أعجميا، ولصعوبة لغة القرآن الكريم وبلاغته الإعجازية، ولوجود نقاط ضعف عند المترجم أحياناً، أو لسوء فهم للمعنى أو خلط في معاني الكلمة نفسها(١). وهذه الأخطاء لا تسوغ شن هجوم على كل المترجمين المستشرقين واعتبار أخطائهم كلها مقصودة لتشويه لغة القرآن الكريم، إلى درجة ربطهم بالصهيونية من خلال الإسرائيليات، علماً أن كثيراً منهم عاشوا وماتوا قبل ظهور الحركة الصهيونية! راجع عبد المحسن(٢٠٠٢) والتمسماني(٢٠٠٢)، وغيرهما ممن أدانوا كل المستشرقين والترجمات الاستشراقية، وفي الوقت نفسه أشادوا ببعض الأسماء كوصف التمسماني لعربية آرثر آربري بالفذة، ولترجمته بالرائعة والممتازة! ولسيل بشيخ المترجمين الإنجليز! فبأي الرأيين نأخذ؟ مع تسجيل تحفظنا على ما قاله عن ترجمة آربري وعن مشيخة سيل!. كما هو معروف، وكما ذكر الباحث نفسه، فالإسرائيليات موجودة في كتب إسلامية عديدة بما فيها كتب التفسير، لكن لم يوجه لأصحابها تهمة التحريف والتشويه والإدانة والشجب، فالإنسان إنسان، يخطئ ويصيب. من جهة أخرى كل من ترجم القرآن أخطأ حتى المترجمين المسلمين(٢). بعبارة أخرى، إننا مطالبون بالعدل والإنصاف ورؤية ترجمات المستشرقين حتى المتجنين منهم بعينين اثنتين، لا بعين واحدة، كما فعل شيخ الشباب (١٤٢١ه/٢٠٠١م) على سبيل المثال، حيث شهد لمراتشي بالوفاء في ترجمته للنص القرآني على غير ما هو متوقع قياساً على عنوان ترجمته: (افتراء القرآن)، كما أنه رأى في ترجمة سيل رأياً إيجابياً بالمقارنة مع أسلافه من المترجمين الإنجليز، على الرغم من

(١) راجع عبد المحسن(٢٠٠٢) والحميدان وتوفيق محمود وغيرهم لمزيد من الأسباب.
(٢) راجع البنيان(٢٠٠٢)، وعطا إلياس(٢٠٠٢) وغيرهما لأمثلة على تلك الأخطاء


الصفحة التالية
Icon