... لكن الأمر يختلف عند الحديث عن لغة القرآن الكريم، إذ بما أنها لغة إلهية، يُنظر إليها على أنها في مقام أرفع من لغة البشر، وبالتالي تكون متبوعة لا تابعة، بثقافتها وصورها وبيانها؛ لئلا يختل التوازن ويختلط الأمر على الناس وتشيع فوضى الترجمة والفهم بينهم حين نَقلِ معاني القرآن الكريم لأي لغة أخرى، فعالمية القرآن والإسلام تقتضي نقل معانيهما كما هي في الأصل العربي بلاغة وبياناً وثقافة لأي لغة ينقلان إليها. وهذا سبب آخر يدعونا للحفاظ على لغته كما هي، وبذلك تبدو الترجمات متطابقة ولا تختلف إلا في أشياء بسيطة لا تعكر صفو الصورة الأصل. الاعتراض على هذا مطروح بدعوى أنه إذا كان القرآن الكريم عالمياً والإسلام للناس كافة، فاللغة العربية ليست كذلك، وبالتالي لا نلزم أهل اللغات الأخرى بها وبثقافتها التي قد تستعصي على الفهم في ثقافتهم. لا شك أن هذا اعتراض مشروع، ولا بد من التعامل معه بكل دقة وجدية. صحيح أن اللغة العربية ليست لغة العالم، لكنها إحدى اللغات العالمية الرئيسة الست. أما الجوانب الثقافية في لغة القرآن الكريم، فيمكن فهمها واستيعابها بأكثر من طريقة:
١- استخدام كلمة شارحة توضح الصورة البيانية الغامضة (كما فعل سيل في إضافته عبارة (من الخوف): of fear، بعد ترجمته للصورة البيانية ژک ک ک ژ ترجمة حرفية صائبة للحفاظ على صورة الأصل كما هي). أورد أستاذ الترجمة الإنجليزي الشهير بيتر نيومارك ستة عشر حلاً (ما يسمى بإجراء ترجمة) للتعامل مع المصطلحات الثقافية(١).
٢- استخدام ما يسمى بالمصنِّف (classifier)، وهي كلمة شارحة موضحة لصنف المصطلح أو نوعه: اسم شخص هو أم بلد، أم نبتة، أم حيوان، أم إنسان، أم نهر، أم جبل؟ وما إلى ذلك. مثال ذلك ترجمة سورة الطور -كما أشرنا من قبل- إلى جبل الطور: The Mount of ﷺ؟؟؟r / ﷺ؟؟؟r Mount.

(١) راجع أيضاً غزالة (٢٠٠٣-٢٠٠٤) لأمثلة توضيحية لهذه الحلول.


الصفحة التالية
Icon