... أما الأسلوب فهو مرآة أسلوب الأصل دونما تغيير ولا تبديل ولا تقديم ولا تأخير ولا حذف ولا مفاضلة ولا قلب الفصحى إلى عامية ولا رطانة ولا لغة قديمة أو مبهمة أو غير مفهومة، ولا تغيير في بلاغة اللغة واصطلاحها ووقعها وثقافتها ونوعها وأساليبها. لا يجوز التصرف بأي من هذه الأمور إلا في حالات الضرورة القصوى، حينما لا تسمح معايير اللغة الهدف بذلك، كترجمة ژٹ ٹ ٹ ژ [الزمر: ٤٢]. يوجد هنا في أسلوب الأصل تقديم لفظ الجلالة الفاعل على الفعل ليصبح مبتدأ نظراً لأهميته وتوكيده وضرورة البدء به قبل كل شيء آخر في هذا السياق لأنه بيده وحده سبحانه أن يتوفى الأنفس. حين نقلها إلى الإنجليزية، لا يوجد في الترجمة تقديم وتأخير؛ لأن قواعد الإنجليزية وأسلوبها الطبيعي أن تبدأ بالفاعل ثم الفعل، فلا يظهر عندها التوكيد الحاصل في الأصل، وبالتالي يترتب على المترجم إضافة كلمة أو عبارة توكيدية، كأن يقول: He is God who takes the souls،
أو: God only takes the souls أو: Verily God takes the souls.
... إذاً لا مجال للتضحية بشيء في النص القرآني في الترجمة، ولا حتى بالحرف (كما ذكرنا في الفقرة السابقة)، فهو ذو معنى. فمن اضطر في حال اختلاف قواعد اللغة الهدف ومعاييرها عن اللغة العربية الأصل، فلا حرج. فالأولوية دائماً للنص القرآني، ونص الترجمة وأسلوبه وثقافته ومضمونه ومعناه ومبناه تطوَّع له بحيث تؤدي معناه المطلوب دونما خلل في ذلك، ومن خلال لغة وأسلوب وقواعد صحيحة وغير ركيكة. وبذلك تتحقق الدقة في أقصى درجاتها. ويجب ألا يجد المترجم في سعيه لتطويع نفسه وترجمته للنص القرآني الأصل تقييداً له أو إملاء عليه أو تقليلاً من شأنه، بل هو شرف له يستحق الثناء عليه؛ لأنه خير طريق وأقرب وسيلة لبلوغ أقصى درجة ممكنة من الدقة في ترجمة معاني القرآن الكريم.


الصفحة التالية
Icon