... من جهته، لم يسع سيل إلى أي نوع من التناسق والتناغم والإيقاع والترنيم بين الأصوات في ترجمته. وقد فعل خيراً إذ لم يشغل باله بالسمات الصوتية والمحسنات البديعية، فهي ببساطة غير قابلة للترجمة لا إلى الإنجليزية ولا إلى أي لغة أخرى. السبب ببساطة تضارب الدقة التي أكدنا على أولويتها في ترجمة النص القرآني، مع نقل السمات والمؤثرات الصوتية والمحسنات البديعية؛ لأن المترجم سيضحي بقسط من المعنى لإنتاجها في اللغة العرف. وهذه حال ترجمة الشعر الذي تتبوأ به الأصوات والعروض مكانة خاصة، لكن يتم إنتاجها في اللغة المترجم إليها على حساب خسارة جزء من المعنى. فمن أجل القافية مثلاً يحصل تقديم وتأخير للكلمات والعبارات والجمل. ولكي يتم ضبط الوزن والتفعيلة والقافية والجناس والسجع وما إلى ذلك من السمات العروضية والمحسنات البديعية، يُقلب المترجم كفيه وهو يقلب صفحات قاموسه الفكري الشخصي وقواميسه المرجعية التي في حوزته لكي يصل إلى مرادفه المطلوب، بالقافية المطلوبة والتفعيلة المطلوبة والإيقاع المطلوب، لكن ربما ليس بالمعنى الدقيق الأنسب لنقل معنى الأصل. فمثلاً لو كانت القافية تنتهي بالعين المكسورة وكان المطلوب التعبير عن معنى الخوف، قد يجد المترجم (الفزع، والهلع) الأنسب حتى وإن كان الخوف عادياً وليس شديداً كما تعبر عنه هاتان الكلمتان.


الصفحة التالية
Icon