... لذا وبما أن نقل الأصوات وإيقاعاتها في النص القرآني مناقض للدقة أولاً وغير ممكن في أغلب الأحيان ثانياً، وربما إعجازي، فأول ما يضحي به مترجم النص القرآني السمات الصوتية والفواصل المتناسبة في اللغة الهدف. يعني هذا بالضرورة خسارة مؤثراتها ومضامينها وانعكاساتها على المعنى، لكن التضحية بها أخف ضرراً بكثير من التضحية بدقة المعنى والأسلوب معجمياً وقواعدياً. ولا لوم على المترجم إن فعل ذلك، بل يثنى عليه؛ لأنه آثر الدقة على الأصوات والإيقاعات في سياق ترجمة النص القرآني حصراً، ولو كان نصاً آخر لطالبناه بتحقيق نوع من التوازن بين عناصر النص كله علماً أن بعضها سيكون على حساب بعضها الآخر أحياناً، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك (كما في ترجمة الشعر بشكل خاص، واللغة الأدبية بشكل عام مثلاً).
خاتمة
... من خلال هذه الدراسة الأسلوبية المقتضبة لترجمتي المستشرقَين الإنجليزيَين: جورج سيل، وآرثر آربري لمعاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية، نخلص إلى إيجابيات وسلبيات في ترجمتيهما، نجملها فيما يلي في شكل مقارنة:
أخفق المترجمان في أسلوب تصميم الشكل العام للنص، فسِيلْ استرسل في نصه دونما أي نوع من الفصل أو التقسيم أو التقاط النفس. وهذا غير موجود في أي نمط من أنماط أشكال النصوص وتصميماتها، بل التقسيم الوحيد الذي اعتمده سيل هو الفصل بين السور. أما السورة نفسها ففقرة واحدة من أولها حتى أخرها مهما طالت أو قصرت، كما أنه لا يوجد أرقام للآيات، بل لم يتقيد أحياناً بالآيات في استخدامه للنقطة كعلامة في نهاية الآية، فقد قسم بعض الآيات إلى أكثر من آية أو جملة من خلال استخدامه للنقطة، مما يعطي انطباعاً أن الآية المذكورة آيتان.


الصفحة التالية
Icon