وبالسبر لمرويات الضعفاء في التفسير؛ فإنها - في الغالب - لا تخالف وجهًا من وجوه العربية؛ فإن خالفت وجهًا فإنها تُحْمَل على الوجه الآخر، الذي لا يخالف نصاً ولا حكماً ولا أصلاً، والنبي ؟ كلامه مبيِّن للقرآن موضِّح له، ومع ذلك فهو يجمع المعاني الكثيرة باللفظ القليل، وهو ما يُسَمَّى بجوامعِ الكلمِ؛ قال النبي ؟: ؟؟ إِنَّمَا بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ؟؟ رواه البخاري. وجَوامِعُ الكَلِم - كما فسرها الزهري عند البخاري في "الصحيح" - قال :" هي جمع المعاني لأمورٍ كثيرة بألفاظٍ قليلة "؛ فإذا كان هذا لكلام النبي ؟ المبيِّنِ الموضِّحِ للقرآن؛ فهو لكلام الله جل وعلا من باب أَوْلَى، فكلام الله له وجوهٌ عدةٌ، كما أخرج ابن سعد من طريق عكرمة عن ابن عباس: أن علي بن أبي طالب أرسله إلى الخوارج، فقال: "اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجَّهم بالقرآن؛ فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة". وأخرج من وجه آخر أن ابن عباس قال له: يا أمير المؤمنين، فأنا أعلَمُ بكتاب الله منهم؛ في بيوتنا نزل. قال: صدقت، ولكن القرآن حَمَّال ذو وجوهٍ، تقول ويقولون، ولكن خاصمهم بالسُّنن؛ فإنهم لن يجدوا عنها مَحِيصاً. فخرج إليهم فخاصمهم بالسنن، فلم تبق بأيديهم حجَّة".
وقد جعل بعضُ العلماء ذلك من أنواع معجزات القرآن، حيث كانت الكلمةُ الواحدةُ تنصرف إلى عشرة أوجه وأكثر وأقلَّ، ولا يوجد ذلك في كلام البشر؛ فقد يشتبه على الإنسان اختلافُ بعض الصحابة بحَمْلِ بعض الألفاظ على تأويل آيةٍ ويخالفه الآخر ونحو ذلك، وهذا كلُّه يُحْمَل على باب التنوُّع، ولا يُحْمَل على المخالفة.
اختلاف المفسرين
والخلاف في التفسير على نوعين : خلاف تنوُّع – و – خلاف تضاد
والخلاف المروي عن المفسرين جُلُّه هو من خلاف التنوع، لا من خلاف التَّضادَّ، كما نصَّ عليه سفيان الثوري، وابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" والشاطبي في "الموافقات"، وابن تيمية في مواضع.