والخلاف في التفسير قليل جداً في الصحابة، كثيرٌ في التابعين، وفي أتباعهم أكثرُ؛ لأنه كُلَّما قلَّ التمكُّن من لغة القرآن وفهم معنى ألفاظه المنزَّل بها، احتيج لتفسيره بالمرادف أو القريب منه، وكلَّما توسع المفسِّر في هذا، ظهر معه الخطأ.
واختلاف التنوع هو أن يكون لفظ الآية محتمِلاً لجميع المعاني المفسِّرة، والاختلاف في العبارة مع اتفاق في المعنى.
وخلاف التنوُّع ينبغي ألا يحكى خلافاً هكذا؛ بل يقال: إن هذا من اختلاف التنوُّع والوجوه التي جاء المعنى فيها بكلام الله، ولذلك يَسْهُل على الإنسان إِنْ تَبَصَّر بهِذا الأصل أن يجمع ويُوَفِّق، وألا يُضَعِّف بعض الوجوه من النوع الواحد، أو يرجح بعضها على بعض؛ لأن كلها تحمل على الحق المقصود من كلام الله.
ولما كان كثير من التفسير من اختلاف التنوع، تساهل العلماءُ بالرواية عَنْ الضعفاء؛ لأن الأصل الأصيل والمقصِدَ العليَّ من النقد والتعليل خَوْفَ ورود شيءٍ من المعاني المنكرة، والتي تخالف الأصول الثابتة، ولأنَّ تفاسيرهم لا تخرج عن الوجوه المشروعة، واعتمادهم كلَّه على لغة العرب.
وإعمال منهج النُقَّاد في أحاديث الأحكام بقواعده وأصوله وتشدده، على أحاديث التفسير قصورٌ، إذ إن المقصود من نقد الحديث سلامته من الدخيل فيه، والقرآن ليس كذلك، فهو محفوظ لقوله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
أسباب التسامح بالرواية عن الضعفاء في التفسير
وفي أبواب التفسير ثمة قرائنُ عِدَّة تسامحوا لأجلها في رواية التفسير وكتابته:


الصفحة التالية
Icon