يقول ابن مسعود عن نفسه كما رواه البخاري ومسلم من حديث الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله، قال: ((والذي لا إله غيره، ما من كتاب الله سورةٌ إلا أنا أعلم حيث نزلت، وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحداً هو أعلمُ بكتاب الله مني تبلغُه الإبل لركِبْتُ إليه )).
وقال مجاهد بن جبر عنه، وهو قد عرض القرآن على ابن عباس ثلاث –وقيل ثلاثين- مرة، كما روى الترمذي بسند صحيح عن سفيان بن عيينة عن الأعمش، قال: قال مجاهد: لو كنتُ قرأت قراءة ابن مسعود لم أحتج إلى أن أسأل ابن عباس عن كثيرٍ من القرآن مما سألت.
ولتأخُّر وفاة ابن عباس، ولحاجة الناس إليه، انتشر قوله وكثُر تلاميذه، والمروي عن ابن عباس كثير، يقرب من ستة آلاف أثر، ولكثرة المروي عنه، وقع الغلط في نسبة بعض أقواله، وضبط بعض ألفاظه، ولذا قال ابن تيمية: ما أكثر ما يحرف قول ابن عباس ويَغلَط عليه.
تفسير ابن عباس وعنايته بلغة العرب وأشعارهم
وأكثر تفسيره احتجاج بلغة العرب، وأقوال الفصحاء من الشعراء وغيرهم، بخلاف ابن مسعود؛ فهو يعتني بالقراءات وأسباب النزول.
وجُل تفسير ابن عباس صحيح، وأما ما نقله البيهقي ومحمد بن أحمد بن شاكر القطَّان في "مناقب الشافعي" من طريق ابن عبد الحكم، قال: سمعت الشافعي يقول: لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيهٌ بمائة حديث، فيظهر أنه قصد ما قصده أحمد بقوله المتقدم: "ثلاثة ليس لها إسناد التفسير والملاحم والمغازي"؛ أي: لا يكاد يوجد فيها ما يسلم من علةٍ على طريقة التشديد، ولعله قصد المرفوع من حديثه.
* وأصحُّ المرويات عن عبد الله بن عباس :
- رواية مجاهد بن جبر عن ابن عباس :