ومع عنايته بالتفسير، إلا أن النقل عنه قليل، وذلك لانتحاله رأي الخوارج، كما نص عليه عطاء وأحمد وابن المديني وابن معين، وهذه عادة الأئمة فيمن عرف بالابتداع أن لا يُكْثر الأخذُ عنه، لكي لا يرتفع شأنُه بأخذ الأجلة عنه، فيتأثر ببدعته تبعاً من يجهلهُ، وإن كان إماماً في نفسه، كل هذا صيانة للدين وحماية لجنابه، ولأجل هذا كان مالك يروي عن عكرمة في موطئه ولا يسميه.
ومع هذا، فهو إمام جليل القدر، وإن كان وقع في شيء من التكفير بالكبيرة، - وقد بَرَّأه من ذلك بعض العلماء كالعجلي وابن عبدالبر - فينبغي العناية بقوله وجمعه واعتباره وتأمُّله، وهو من المكثرين عن ابن عباس، بل هو أكثر رواية عنه من مجاهد في التفسير.
وتفسيره بالجملة صحيح، وأجوده وأمثله ما يعتني فيه بأسباب النزول، فله معرفة فيه، وهو مقدم على غيره في هذا النوع، وقد علق البخاري عنه في الصحيح مجزوماً به في التفسير، وأشهر الطرق عن عكرمة ما يرويه عنه ابن جريج، وهو أكثرهم، وعكرمة قليل التلاميذ.
ومن الطرق عنه ما يرويه يزيد النحوي، ومحمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، وهذه الطرق أشهرها، وكذلك أيوب وعطاء وداود بن أبي هند وعمرو بن دينار وعثمان بن غِياث وسماك بن حرب وداود بن الحصين والحكم بن أبان وغيرهم، وأكثر المرويات عنه أو جُلّها هي دائرة بين الصحة والحسن، وقليل منها ما يتوقف فيه خاصة منه ما في الأحكام المروية عن ابن عباس التي ينفرد بها سِماك وداود بن الحصين.
ويشكُّ محمد بن أبي محمد في روايته كثيراً، فيقول: عن عكرمة أو سعيد، وقد سمع منهما جميعاً، ولا يضره ذلك.
والحكم بن أبان يروي عنه ابنه إبراهيم، وهو مضعَّف؛ لأنه يصل الأسانيد بذكر ابن عباس.
رواية محمد بن سيرين عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس :


الصفحة التالية
Icon