وإذا كان عبد الله بن عباس، وهو من اشتهر بمعرفة التأويل والتفسير والإكثار فيه، يقول فيه الإمام الشافعي كما ذكر البيهقي في " مناقب الشافعي " في (بابٌ ما يدل على معرفته بصحيح الحديث): ليس شيء يصح عن عبد الله بن عباس في التفسير إلا شبيه مائة حديث ".
فإذا كان هذا الحال فيما يروى عن عبد الله بن عباس في الموقوف فالمرويُّ عن رسول الله ﷺ أقلّ.
وقد جاء عن رسول الله ﷺ مِن تفسير كلام الله ما هو صحيحٌ بأسانيدَ كالشمس، ومنها جاء جملة منها في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما.
ومن ذلك: تفسير الظلم بالشرك، وكذلك تفسير الحساب بسؤال الله ومناقشته للعبد يوم القيامة، كما جاء في حديث عائشة في الصحيح وغيره، وغير ذلك مِن التأويل.
وما جاء شيء من التفسير عن النبي ﷺ فهو حُجَّة قاطعة، وهو مِن الوحي، وهو أولى ما يُؤْخَذ ويُعمل به، وهو مقدَّم على قول كل أحدٍ؛ لأن الله ما جعل الحُجة في قول أحدٍ إلا في قول نبيه ﷺ، قال تعالى: ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )[النجم ٣ : ٤].
معنى قول أحمد: ثلاثة لا أصل لها..
ومِن أقل المروياتُ في الأبواب عن رسول الله ﷺ المرويات في باب التفسير، وأكثرها معلولٌ، يقول الإمام أحمد رحمه الله: " ثلاثةٌ ليس لهَا إِسْنِاد: التفسير والملاحم والمغازي ".
وقد جاء في رواية عنه: " ثلاثةٌ لا أصل لها..".
ومرادُه بذلك: أن الضعيف أكثرُ مِن الصحيح، والصحيحُ عنه مقارنة بما جاء في هذا الباب من المرفوع والموقوف لا يكاد يُذكر، وإنما هو عشرات المواضع فقط.


الصفحة التالية
Icon