وهكذا فسره المحققون من أصحاب أحمد، كما حكاه الزركشي في "البرهان" بقوله: «قال المحققون من أصحابه : مُراده: أن الغالبَ أنه ليس لها أسانيدُ صِحاحٌ متصلةٌ، وإلا فقد صحّ من ذلك كثيرٌ؛ كتفسير الظلم بالشرك في آية الأنعام، والحساب اليسير بالعرض، والقوة بالرمي، وغيره».
وكثير من المرفوع هو في عِدَاد الضعيف، والمنكر، والموضوع، ولذلك قال: "ثلاثة ليس لها إسناد، أو لا أصل لها"، يعني: " ليس لها إسناد يُعتمد عليه، وإن وُجِدَ فوجودُه كعدمه"، بخلاف ما يفهمُه بعضُهم من ظاهر لفظه بأنها تُروى بغير إسناد، وهذا غير صحيح؛ فإن الإمام أحمد قد أخرج جملة مِن الأحاديث في "مسنده". وقال في موضع آخر من "سؤالاته" وغيرها: "إنها ليس لها إسناد أو ليس لها أصل"، وهو أعلمُ الناس بما يروي، والأمثلة على ذلك كثيرة..
من ذلك : ما رواه في "مسنده" مِن حديث ابن عمر مرفوعاً: ((مَنِ اشترى ثوباً بعشرة دراهم وفيه درهمٌ حرامٌ لم تُقْبل له صلاةٌ ما دام عليه))، قال فيه في رواية أبي طالب: (هذا ليس بشيءٍ ليس له إسناد).
ومنها: ما رواه عن أبي مِجْلَزٍ عن ابن عمر أن النبي ﷺ سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر، فرأى أصحابُه أنه قرأ ( تنزيل ) السجدة، وقد قال أحمد: (ليس له إسناد).
ومنها حديث "كنّا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصَنْعَةَ الطعام مِن النياحة". رواه في "مسنده"، ونقل عنه أبو داود في "سؤالاته" قوله فيه: (لا أصل له).
وغير ذلك كثير..
تساهل السلف في التفسير