وأشفى : قيل.. لا تأتي إلا بالشر، نقول.. أشفى المريض على الموت.. أشرف عليه. وفي الحديث :﴿ لا تنظروا إلى صلاة أحدكم وصيامه، ولكن انظروا إلى ورعه إذا أشفى على الدنيا ﴾.
والشّفة.. والشّفا : من كل شئ حَرْفَهُ.. أي طرفه، يقول تعالى :
﴿ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألَّف بين قُلُوبِكِم فأصبحتُم بنعمتهِ إخواناً وكنتم على شفا حُفرةٍ من النار فأنقذكم منها.. ﴾(١).
ويقول أيضاً :﴿ أ فَمن أسس بُنيانَهُ على تقوى من اللهِ ورضوانٍ خيرٌ أمْ منْ أسَّس بُنيانه على شفا جُرُفٍ هارٍ فانهارَ به في نار جهنم... ﴾(٢).
والشفاء : مصدر أصبحت اسماً علماً، لتدل على.. البُرء، لأنها سببه، إذ هي.. الدواء في حقيقة اللغة.
فالشفاء : البُرء من كل شئ.. مرضاً وغيره، مادياً أو معنوياً.
وتقول ما شفَّيتني فيما أردت : أي ما بلغنّي مرادي وغرضي.. وهو البُرء معنىً.
أما الُبرء حقيقةً في قوله تعالى :
﴿ وأوحى رَبُّكَ إلى النّحل أن اتّخذي من الجبال بُيوتاً ومن الشّجر ومما يَعْرِشُوُن ( ثم كُلي من كلِّ الثمرات فاسلكي سُبُل ربك ذُلُلا يّخرُجُ من بطونِها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شِفاءٌ للناس إنَّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتّفكَّرون ﴾(٣).
ففيها شفاء حقيقي لكل الناس : مؤمنِهم وكافرهم.. برِّهم وفاجِرهم.. تقيِّهم وفاسقهم.. فلم يفصل النص، ولم يفصّل، فيجري على إطلاقه.
فتنكير الشفاء : إما.. لتعظيمه، أو.. فيه إشارة للتبغيض، بدليل قوله - فيه -، فقد لا يستغرق كل الشفاء.
وفي الاستشفاء بالعسل وغيره كلام لا أراني في موضع الكلام عنه، أو يستدرجني الكلام إليه.
أما الشفاء المعنوي.. أو النفسي، فهو علاج النفوس لا الأبدان، وقد جعل القرآن كذلك في مواضع ثلاثة، قدمنا آياتها في بدء كلامنا.
(٢) التوبة / ١٠٩.
(٣) النحل / ٦٨ و ٦٩.