فقيل : أن الآية مخصصة بوصف مقدر، إذ بعثة الأنبياء لبيان الدين، وليس لبيان كل شئ، بل كل شئ يتعلق بوظيفتهم، ولهذا أجاب الله عن سؤالهم :

﴿ يسألونك عن الأهلَّة قل هي مواقيتُ للناس والحج ﴾(١)، فلم يبين ما هيئتها.. ولا منازلها.. بل ما يتعلق بالفائدة الدينية فقط !!.
وقال المصطفى - ﷺ - لأهل المدينة – وهو تشريع للأمة - :﴿ أنتم أعلم بأمور دنياكم ﴾.
فقد يكون تبيان القرآن لكل شئ، من جهة إحالته على السنة النبوية..
والسنة أحالت على غيرها..﴿ عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضّوا عليهم بالنواجذ ﴾.
والصحابة - رضي الله عنه - قد : اجتهدوا.. وقاسُوا.. ووضعوا طرق الاجتهاد، فكان.. السنة.. والإجماع.. والقياس، كلُّها مستندة إلى تبيان القرآن.
وقد جعل البعض :- كل - ليس للاستغراق، بل للتفخيم والتكبير.. والأول أحسن.
والحمد لله ربِّ العالمين ~~
الإسم الحادي والعشرون
الجامع.. !!
لم يرد في القرآن الكريم وصف القرآن - بالجامع -، ولا تسميته به، بل استفدناه من قوله تعالى :( ﴿ ما من دابةٍ في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرّطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربِّهم يُحشرون ﴾(٢).
فعدم التفريط من شئ : يشير إلى جمعه لأمورٍ سنبينها.
وفَرَّطَ الشيء : وفرَّط فيه.. قصّر فيه وضيَّعه حتى فات..
يقول تعالى :( ﴿ أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرّطت في جنة الله.. ﴾(٣).
ويقول تعالى :( ﴿ قال كبيرهم ألم تعلموا أنَّ أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف.. ﴾(٤).
وتأتي فرَّط.. بمعنى : ترك وأغفلَ، يقول تعالى :
( ﴿.. حتى إذا جاء أحَدَكُمُ الموت توفته رسلنا وهم لا يُفرطون ﴾(٥).
وفرّط إليه رسولاً : قدّمه.. وأرسله.
(١) البقرة / ١٨٩.
(٢) الأنعام / ٣٨.
(٣) الزمر / ٥٦.
(٤) يوسف / ٨٠.
(٥) الإنعام / ٦١.


الصفحة التالية
Icon