تكلمنا في الحلقة الثانية عن - الفرقان -.. بإعتباره إسماً من أسماء القرآن العظيم، وأتينا فيها على كلمة _ فَرَقَ -، و - فَرَّق-.. وتصاريفهما.. ومعانيهما.. مما لا نرى ضرورة لاستعادته هنا. وكنا قد استشهدنا بالآية التي افتتحنا بها الكلام على بعض تصاريف.. فَرَقَ.. وقلنا : إنّ من معاني قوله تعالى :﴿ وقرآناً فَرَقناه... ﴾.. هو : أنزلناه مفرَّقاً.
كما أشرنا في حلقة - المنَزَّل -.. باعتباره اسماً من أسماء القرآن، إلى أن القرآن ذكر فيه أنه.. نّزّلّ.. و.. أُنزِلَ.. ، وفيه الدلالة على نزولين – ذكرناهما – آنفاً، في حين أن التوراة والإنجيل أنزلتا دفعةً واحدة، فاستعمل الله في القرآن للكلام عنهما الفعل.. نَزَلَ و.. أنَزَّل.
إن إنزال القرآن إلى الأرض مجزءً، كان يتُّم بصور شتى، ولأسباب شتى..
أما الصُوَر / فقد تَنزِل منه الآية الواحدة.. أو الآيتان.. أو مجموعة الآيات.. أو تنزل منه سورة كاملة.
أما الأسباب / لصور النُزُل هذه.. فهي :
١. قد تكون هناك واقعة تتطلب حكماً، فتتضمن الآية الواحدة.. أو الآيتان.. أو لآيات حكماً لتلك الواقعة.
ومن المعلوم في علم الأصول.. [ أنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ]، إذا كانت ألفاظ الحكم عامَّةً، رغم خصوصيَّة السبب، مثل.. المرأة التي ظاهر منها زوجها، وجادلت رسول الله - ﷺ - !، فنزلت بسببها أحكام.. الظهار ]، في سورة – المجادلة -.
٢. وقد تنزل الآيات، أو السورة بكاملها ابتداءً، من غير وجود حاثة بعينها لأن الله - عز وجل - أراد لهذا الحكم الذي ورد في تلك السورة، أن يكون وقت نزولها هو أوان تشريع الحكم.. ولله الحكمة البالغة.