٣. وقد تنزل الآيات جواباً لسؤال، ويرد العدد منها ما يجيب على السؤال دون غيره. ولكل ذلك شواهد من القرآن، ليس هذا مجال إيرادها.. وقد فصل كل ذلك علماء المسلمين المشتغلين بعلوم القرآن الكريم.
لقد اختار الله - عز وجل - هذا الإسلوب لحِكَمٍ سنذكرها...
فكان - عز وجل - أن أنزل أولا ما يختص بالعقيدة وتثبيتها، وذكر الجنة والنار، والحساب والعقاب، وأخبار الرسل.. وما حلَّ بأقوامهم الذين كذبوهم.
ثم نزلت آيات وسور الحلال والحرام، والشرائع والأحكام، وتنظيم المجتمعات الإنسانية، وضبط التصرفات الإنسانية.
فإنزال القرآن مفرقاً، لِحِكَم منها :
١- لأن فيه الناسخ والمنسوخ. والناسخ ما يأتي لاحقاً، والمنسوخ ما أنزل أولاً.. ووجود الناسخ والمنسوخ له حِكَم جمة ليس هذا موضع إيرادها.
٢- ولأن في التفريق.. التدرج في التشريع، ويستتبعه التدرج في التطبيق، لأجل.. لتأليف، وللتعليم، والتعويد، وهو أسلوب تربوي.. وقانوني.. وتشريعي حكيم.
٣ - التفريق يجعل اختيار الوقت الأنسب لتشريع الحكم، بعد تهيئة النفوس، وفتح أبواب القبول، وموافقة التشريع للوقت المناسب فيه دفع لحرج التكاليف التي تشرع دفعة واحدة.
٤ - التفريق يربط الأحكام بأسباب لنُزولها، وبحوادث تستدعي ورود الحكم فيها، وهذا يستدعي أن يفهم الحُكم من اللاحقين، ويرسخ في ذهن الجميع سابقيهم.. ولاحقيهم، ويكون أوضح عند التطبيق، وأذكر له عند المراجعة.
٥ - تفريق نزول القرآن أدعى.. لحفظه من رسول الله - ﷺ -، ومن الصحابة الكرام - رضي الله عنه -، وأدعى لثبوته في الفؤاد، ووعيه في القلب، وإدراك معناه في العقل


الصفحة التالية
Icon