وهو عند علماء أصول الفقه : ما فصل بين الحق والباطل، وميَّز الصحيح من الفاسد، بالبيان الذي فيه.
وعند علماء المنطق : قياس مؤلف من مقدمات قطعية لنتيجة قطعية.
وقوله تعالى :﴿ ولقد هّمت به وهّم بها لولا أن رأى برهان ربه.. ﴾(١).
فمن جملة ما قيل فيه : هو ما نصبه ربه له من.. الدلائل العقلية، والنقلية.. على وجوب اجتناب المحارم والمآثم.
وعن علي بن الحسين زين العابدين - رضي الله عنه - قال : قامت امرأة العزيز إلى الصنم فألقت عليه ثوباً.. فقال لها يوسف : ما هذا ؟.
قالت : أستحي من الصنم أن يرانا !!.
فقال لها يوسف : تستحين ممن لا يبصر ولا يفقه، ولا أستحيي ممن خلق الإنسان وعلّمه البيان ؟ !.
على أنَّ في هذه الرواية تأكيد انصراف نية سيدنا يوسف إلى فعل الفاحشة !، وهو مالا يتفق مع عصمته، وصرف السوء عنه، لذا قيل إن معناها : فلولا أن رأى برهان ربه، لكان همّ بها، بعد أن همت به.
وقيل : همت بقتله لامتناعه، وهمّ بقتلها دفاعاً عن نفسه !!.
ومعلوم أن من همّ بمعصية ولم يفعلها، كتبت له حسنة...
*******
لقد ورد ذكر - البرهان - على أنه - القرآن -.. في قوله تعالى :﴿ يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبينا ﴾(٢).
واتفقت كلمة المفسرين على أن - النور المبين في الآية.. هو: القرآن، إلا أنهم اختلفوا في إرادته بكلمة : البرهان.. في الآية.
فذهب ابن عباس وآخرون - كما أخرج ابن عساكر عن سفيان الثوري عن أبيه عن رجل لا يحفظ اسمه - : إن المراد بالبرهان في الآية هو الرسول - ﷺ -.
وقالوا : عبَّر القرآن عن الرسول - ﷺ - بالبرهان، لأنه بسبب ما جاء معه من المعجزات التي تشهد بصدقه. وما وهب من براهين.
ولهذا ذهب قوم إلى أن - البرهان - هو : المعجزات.
(٢) النساء / ١٧٤.