وفي عالم المسلمين اليوم هناك فجوة بين النظرية والتطبيق، فعلى الرغم من الأولوية التي أعطاها الإسلام للتطوع ودعم العمل الخيري، إلا أن مجالاته انحسرت في الغالب في بعض النشاطات والمصارف التقليدية. وهناك فرق كبير بين ما توافر للمسلمين اليوم وبين ما لغيرهم من هيئات، ووسائل، وقنوات وآليات للعمل التطوعي(١). ففي الولايات المتحدة الأمريكية –على سبيل المثال- أولت الحكومة الأمريكية اهتماماً كبيراً لقضية التطوع وأنشأت لها إدارة خاصة تعرف بـ(إدارة المتطوعين) وأنشأت مراكز متخصصة في كل منطقة لتشجيع الناس على التطوع وفتح المجالات والآفاق أمامهم. وصلت نسبة المتطوعين من إجمالي المواطنين حوالي ٣٣% من عدد السكان. وكان معدل ساعات التطوع موازياً لعمل ٩ ملايين موظف، وبلغ مجموع الوقت الذي تم التطوع فيه ما قيمته ١٧٦ بليون دولار.
إن بذل الخير غير قاصر على أحد من الناس، بل هو مفتوح ومتاح لكل مسلم ومسلمة.. لذا فإنه ينبغي أن يفكر القائمون على الجمعيات الخيرية تفكيراً جاداً في نوعية الأعمال التي يمكنهم أن يحصلوا على دعم المجتمع فيها.
كما أن تسارع التغيرات واختلاف المعايير في كل المنظمات اليوم، جعل إنفاقها على العمل العام الذي يعود ويهدف لخدمة المجتمع جزءاً واجباً من نشاطها الذي عليها أن تمارسه لتحقق أهدافها الربحية وغير الربحية. وهذه النقطة يجب أن تمثل أهمية كبرى لدى جمعيات تحفيظ القرآن الكريم لتقوم باستثمارها بالشكل الصحيح.

(١) * وسائل استقطاب المتطوعين والانتفاع الأمثل بجهودهم. إبراهيم بن حمد القعيد.- بحث مقدم في المؤتمر العلمي عن الخدمات التطوعية بالمملكة العربية السعودية – جامعة أم القرى.- مكة المكرمة، ١٤١٧هـ، ص ٥-٧.


الصفحة التالية
Icon