@ ﷺ لمن رآه يختال بين الصفين في الحرب انها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن وقد أمر الله سبحانه بالغلظة على أعدائه
وجعل لقوة الحرص مصرفا وهو الحرص على ما ينفع كما قال النبي ﷺ احرص على ما ينفعك ولقوة الشهوة مصرفا وهو التزوج بأربع والتسري بما شاء ولقوة حب المال مصرفا وهو إنفاقه في مرضاته تعالى والتزود منه لمعاده فمحبة المال على هذا الوجه لا تذم ولمحبة الجاه مصرفا وهو استعماله في تنفيذ أوامره وإقامة دينه ونصر المظلوم وإغاثة الملهوف وإعانة الضعيف وقمع أعداء الله فمحبة الرياسة والجاه على هذا الوجه عبادة وجعل لقوة اللعب واللهو مصرفا وهو لهوه مع امرأته أو بقوسه وسهمه أو تأديبه فرسه وكل ما أعان على الحق وجعل القوة التحيل والمكر فيه مصرفا وهو التحيل على عدوه وعدو الله تعالى بأنواع التحيل حتى يراغمه ويرده خاسئا ويستعمل معه من أنواع المكر ما يستعمله عدوه معه وهكذا جميع القوى التي ركبت فيه جعل لها مصرفا وقد ركبها الله فيه لمصالح اقتضتها حكمته ولا يطلب تعطيلها وإنما تصرف مجاريها من محل إلى محل ومن موضع إلى موضع ومن تأمل هذا الموضع وتفقه فيه علم شدة الحاجة إليه وعظم الانتفاع به فصل
وجماع الطرق والأبواب التي يصان منها القلب وجنوده أربعة فمن ضبطها وعدلها وأصلح مجاربها وصرفها في محالها اللائقة بها استفاد منها قلبه وجوارحه ولم يشمت به عدوه وهي الحرص والشهوة والغضب والحسد فهذه الأربعة هي أصول مجامع طرق الشر والخير وكما هي طرق إلى العذاب السرمدي فهي طرق إلى النعيم الأبدي فآدم أبو البشر ﷺ أخرج من الجنة بالحرص ثم أدخل إليها بالحرص ولكن فرق بين حرصه الأول وحرصه الثاني وأبو الجن أخرج منها بالحسد ثم لو يوفق لمنافسة وحسد يعيده إليها وقد قال النبي ﷺ لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا

__________


الصفحة التالية
Icon