اللغَة: ﴿أَدْعِيَآءَكُمْ﴾ جمع دعيِّ وهو الولد المتبنَّى من أبناء الغير قال في اللسان: والدَّعيُ: المنسوب إلى غير أبيه، قال الشاعر:

دعيُّ القوم ينصرُ مدَّعيهِ لِيُلْحقه بذي النَّسب الصميم
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سِواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
﴿أَقْسَطُ﴾ أعدلُ يقال: أقسط الرجلُ إذا عدل، وقسطَ إذا ظلم، والقسطُ: العدلُ. ﴿مَسْطُوراً﴾ أي مسطَّراً مكتوباً لا يُمحى. ﴿مِيثَاقَهُمْ﴾ الميثاقُ: العهد المؤكد بيمين أو نحوه. ﴿الحناجر﴾ جمع حنْجرة وهي نهاية الحلقوم مدخل الطعام والشراب. ﴿يَثْرِبَ﴾ اسم المدينة المنورة وسماها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ طيبة. ﴿عَوْرَةٌ﴾ خالية من الرجال غير محصَّنة يقال: دارً مُعْورة إذا كان يسهل دخولها، قال الجوهري: العَوْرة كلُّ خلل يُتخوف منه في ثغر أو حرب. ﴿أَقْطَارِهَا﴾ جمع قُطْر وهو الناحية والجانب. ﴿يَعْصِمُكُمْ﴾ يمنعكم. ﴿المعوقين﴾ المثبطين مشتق من عاقة إذا صرفه.
سَبَبَ النّزول: أ - روي أن رجلاً من قريش يُدعى «جميل بن مَعْمر» كان لبيباً حافظاً لما يسمع فقالت قريش: ما حفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان في جوفه فأنزل الله ﴿مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ..﴾ الآية.
ب - وروي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما أراد غزوة تبوك أمر الناس بالتجهز والخروج لها، فقال أناس: نستأذن آباءنا وأمهاتنا فأنزل الله ﴿النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ..﴾ الآية.
التفسِير: ﴿ياأيها النبي اتق الله﴾ النداء على سبيل التشريف والتكرمة لأن لفظ النبوة مُشعر بالتعظيم والتكريم أي اثبتْ على تقوى الله ودُمْ عليها، قال أبو السعود: في ندائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعنوان النبوة تنويهٌ بشأنه، وتنبيهٌ على سمو مكانه، والمراد بالتقوى المأمور به الثباتُ عليه والازديادُ منه، فإنَّ له باباً واسعاً ومكاناً عريضاً لا ينال مداه ﴿وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين﴾ أي ولا تطع أهل الكفر والنفاق فيما يدعونك إليه من اللين والتساهل، وعدم التعرض لآلهتهم بسوء، ولا تقبل أقوالهم وإن أظهروا أنها نصيحة، قال المفسرون: دعا المشركون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يرفض ذكر آلهتهم بسوء، وأن يقول إن لها شفاعة، فكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذلك ونزلت الآية ﴿إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾ أي إنه تعالى عالم بأعمال العباد وما يضمرونه في نفوسهم، حكيم في تدبير شؤونهم ﴿واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾ أي واعمل بما يوحيه إليك ربك من الشرع القويم، والدين الحكيم، واستمسك بالقرآن المنزل عليك ﴿إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ أي خبير بأعمالكم لا تخفى عليه خافية من شؤونكم، وهو مجازيكم عليها ﴿وَتَوَكَّلْ على الله﴾ أي اعتمد عليه، والجأ في أمورك إليه ﴿وكفى بالله وَكِيلاً﴾ أي حسبك أن يكون الله حافظاً وناصرا لك ولأصحابك، ثم ردَّ تعالى مزاعم الجاهليين ببيان الحق الساطع فقال: ﴿مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ أي ما خلق الله لأحدٍ من الناس أياً كان قلبين في صدره،


الصفحة التالية
Icon