في الأصل ضميرَ المصدرِ المفهوم من «قال» أي: فَبَهَته قولُ إبراهيم. وقرأ ابن السَّمَيْفَع: «فَبَهَتَ» بفتحِ الباءِ والهاءِ مبنياً للفاعلِ، وهذا يَحْتَمِلُ وجهين، أحدُهما: أن يكونَ الفعلُ متعدِّياً، وفاعلُه ضميرٌ يعودُ على إبراهيم، و «الذي» هو المفعولُ، أي: فَبَهَت إبراهيمُ الكافرَ، أي غَلَبة في الحُجَّة، أو يكونُ الفاعلُ الموصولَ، والمفعولُ محذوفٌ وهو إبراهيمُ، أي: بَهَتَ الكافرُ إبراهيم أي: لَمّا انقطَع عن الحُجَّة بَهَته. والثاني: أن يكونَ لازماً والموصولُ فاعلٌ، والمعنى معنى بُهِت، فتتَّحدُ القراءتان، أو بمعنى أَتَى بالبُهْتان. وقرأ أبو حَيْوة: «فَبَهُتَ» بفتح الباء وضمِّ الهاء كظَرُفَ، والفاعلُ الموصولُ. وحكى الأخفش: «فَبُهِتَ» بكسر الهاء، وهو قاصرُ أيضاً. فيَحصُلُ فيه ثلاثُ لغاتٍ: بَهَتَ بفتحهما، بَهُت بضم العين، بَهِت بكسرها، فالمفتوحُ يكون لازماً ومتعدياً، قال: ﴿فَتَبْهَتُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٤٠]. والبَهْتُ: التحيُّر والدَّهَشُ، وباهَتَه وبَهَته واجهه بالكذبِ، ومنه الحديث: «إنَّ اليهودَ قومٌ بُهُتٌ»، وذلك أن الكذب يُحَيِّر المكذوبَ عليه.
قوله تعالى: ﴿أَوْ كالذي مَرَّ﴾ : الجمهورُ على سكونِ واوِ «أو» وهي هنا للتفصيلِ، وقيل: للتخيير بين التعجب مِنْ شأنهما. وقرأ أبو سفيان ابن حسين «أوَ» بفتحِها، على أنها واوُ العطفِ، والهمزةُ قبلها للاستفهام.


الصفحة التالية
Icon