إلى أميرِ المؤمنين المُمْتادْ... أي: المُحْسِنُ لرعيَّته، وهي فاعِلَة من المَيْد بمعنى مُعْطِية فهو قريب من قولِ أبي عبيد في الاشتقاق، إلا أنَّ‍ها عنده بمعنى فاعِله على بابها. وابنُ قتيبة وافق أبا عبيد في كونها بمعنى مفعولة، قال: «لأنها يُمادُ بها الآكلون أي يُعْطَوْنها». وقيل: هي من المَيْد وهو الميل، وهذا هو معنى قول الزجاج. قوله: «من السماء» يجوز أَنْ يتعلَّقَ بالفعلِ قبلَه، وأَنْ يتعلَّق بمحذوف على أنه صفةٌ ل «مائدة» أي: مائدةً كائنةً من السماء أي: نازلةً منها.
قوله تعالى: ﴿تَكُونُ لَنَا عِيداً﴾ : في «تكون» ضمير يعود على «مائدة» هو اسمُها، وفي الخبرِ احتمالان، أظهرُهما: أنه عيد، و «لنا» فيه وجهان أحدهما: أنه حال من «عيدا» لأنها صفة له في الأصل، والثاني: أنها حال من ضمير «تكون» عند مَنْ يُجَوِّزُ إعمالَها في الحال. والوجه الثاني: أنَّ «لنا» هو الخبر، و «عيداً» حال: إمَّا من ضمير «تكونُ» عند مَنْ يرى ذلك، وإمَّا من الضمير في «لنا» لأنه وقعَ خبراً فتحمَّل ضميراً، والجملةُ في محلِّ نصبٍ صفةً لمائدة.
وقرأ عبد الله: ﴿تَكُنْ﴾ بالجزم على جواب الأمر في قوله: «أَنْزل» قال الزمخشري: «وهما نظير ﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ﴾ [مريم: ٦] يريد قوله تعالى: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي﴾ بالرفع صفةً، وبالجزم جواباً، ولكنْ القراءتان هناك متواترتان، والجزمُ هنا في الشاذ.


الصفحة التالية
Icon