وأما قوله «فتكونَ» ففي نصبه وجهان، أظهرهما: أنه منصوب عطفاً على «فتطردَهم» والمعنى: الإِخبار بانتفاء حسابهم، والطرد والظلم المسبب عن الطرد. قال الزمخشري: «ويجوز أن تكون عطفاً على» فتطردَهم «على وجه السبب، لأنَّ كونَه ظالماً مُسَبِّبٌ عن طردهم».
والثاني من وجهي النصب: أنه منصوب على جواب النهي في قوله: «ولا تَطْرد» ولم يذكر مكي ولا الواحدي ولا أبو البقاء غيره. قال الشيخ: «وجوَّزوا أن يكون» فتكونَ «جواباً للنهي في قوله» لا تَطْرِدِ «كقوله: ﴿لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى الله كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ﴾ [طه: ٦١]، وتكون الجملتان وجوابُ الأول اعتراضاً بين النهي وجوابه» قلت: قد تقدَّم أن كونَهما اعتراضاً لا يتوقف على عَوْد الضميرين في قوله «مِنْ حسابهم» و «عليهم» على المشركين كما هو المفهوم من قوله ههنا، وإن كان كلامه قبل ذلك كما حَكَيْتُه عنه يُشْعر بذلك.
قوله تعالى: ﴿وكذلك فَتَنَّا﴾ : الكاف في محصل نصب على أنها نعت لمصدر محذوف والتقدير: ومثل ذلك الفُتُون المتقدِّم الذي فُهم من سِياق أخبار الأمم الماضية فَتَنَّا بعضَ هذه الأمةِ ببعض، فالإِشارةُ بذلك إلى الفتون المدلول عليه بقوله: ﴿فَتَنَّا﴾ ولذلك قال الزمخشري: «ومِثْل ذلك الفَتْن العظيم فُتِن بعض الناس ببعض» فجعلَ الإِشارة لمصدر «فتنَّا»،