البابِ لَزِم ذِكْرُ الثالث. وقيل:» مِنْ «بمعنى عن». قلت: قوله: «إنَّ حذف الثالث خطأ» إنْ عنى حَذْفَ الاقتصارِ فمسَلَّم، وإن عنى حَذْفَ الاختصار فممنوعٌ، وقد مَرَّ بك في هذه المسألة مذاهبُ الناس.
قوله تعالى: ﴿جَزَاءً﴾ : يجوز أن ينتصبَ على المصدر بفعل مِنْ لفظه مقدرٍ، أي: يُجْزَوْنَ جزاء، وأن ينتصب بمضمونِ الجملة السابقة لأنَّ كونَهم يَأْوُوُن في جهنم في معنى المجازاة. ويجوز أن يكون مفعولاً من أجله.
قوله تعالى: ﴿الأعراب﴾ : صيغة جمعٍ وليس جمعاً لعرب قاله سيبويه؛ وذلك لئلا يلزمَ أن يكونَ الجمعُ أخصَّ من الواحد، فإن العرب هذا الجيل الخاص سواء سكن البوادي أم سكن القرى، وأما الأعرابُ فلا يُطْلق إلى على مَنْ يَسْكن البواديَ فقط. وقد تقدَّم لك في أوائل هذا الموضوع عند قوله تعالى: ﴿رَبِّ العالمين﴾ [الفاتحة: ١]، ولهذا الفرقِ نُسِب إلى الأعراب على لفظه فقيل: أعرابيّ. ويُجْمع/ على أعاريب.
وقوله: ﴿وَأَجْدَرُ﴾، أي: أحقُّ وأَوْلى، يقال: هو جديرٌ وأجدر وحقيق وأحقّ وقمين وأَوْلى وخليق بكذا، كلُّه بمعنى واحد. قال الليث: «جَدَر يَجْدُر جَدارةً فهو جديرٌ، ويؤنَّث ويثنَّى ويُجمع قال الشاعر:
٢٥٣٥ - بِخَيْلٍ عليها جِنَّةٌ عَبْقَرِيَّةٌ | جديرون يوماً أن يَنَالوا وَيَسْتَعْلوا |