سورة آل عمران
حجة على القدرية والمعتزلة:
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)
حجة على القدرية والمعتزلة واضحة لو تدبروه، ولاكتفوا به من سائر
ما عليهم في غيره من كتابه، وذلك أنه وصف الزائغة قلوبهم باتباع متشابهه ابتغاء تأويله، ثم آيسهم من بلوغه بما أخبر من انفراده بعلمه دون جميع الخلق، ووصف بالفتنة من ابتغى علمه فصار الطمع في بلوغ علم التشابه به بعد انفراد الجليل به، والخوض في تصرفه تقدما إلى الباطل على بصيرة، وجهلا لا يعذر أحد به.
ووصف الراسخين في العلم بصفة ومدحهم بقول ظن القدرية والمعتزلة أنهم أسعد بهما من خصومهم، وأن خصومهم هم المتبعون متشابهه، ولو تأملوا بعض ما مدح به الراسخون لانعكست ظنونهم وفضلوا بالتزام ما نحلوا خصومهم من حيث لا التباس فيه وهو قوله: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا) فمدحهم


الصفحة التالية
Icon