قوله: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ ﴾ [آية: ١] يقول: عبس بوجهه وأعرض إلى غيره نزلت في عبد الله بن أبي مسرح الأعمر، وأمه أم مكتوم، اسمه عمرو بن قيس بن زائدة بن رواحة بن الأصم بن حجر بن عبد ود بن بغيض بن عامر بن لؤى بن غالب. وأما أم مكتوم: اسمها عاتكة بنت عامر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤى، وذلك أنه ذات يوم كان جالساً في المسجد وحده ليس معه ثان وكان رجلا مكفوف البصر، إذ نزل ملكان من السماء ليصليا في المسجد الحرام، فقالا: من هذا الأعمى الذي لا يبصر في الدنيا ولا في الآخرة؟ قال أحدهما: ولكن أعجب من أبي طالب يدعو الناس إلى الإسلام! وهو لا يبصرهما، ويسمع ذلك، فقام عبدالله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا معه أمية بن خلف، والعباس بن عبدالمطلب وهما قيام بين يديه يعرض عليهما الإسلام، فقال عبدالله: يا محمد، قد جئتك تابئاً فهل لي من توبة؟ فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه عنه، وأقبل بوجهه إلى العباس وأمية بن خلف، فكرر عبدالله كلامه فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه وكلح فاستحيى عبدالله وظن أنه ليس له توبة فرجع إلى منزله، فأنزل الله عز وجل فيه: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ ﴾ يعني كلح النبي صلى الله عليه وسلم وتولى ﴿ أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ ﴾ [آية: ٢] ثم قال: ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾ يا محمد ﴿ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ ﴾ [آية: ٣] يقول: لعله أن يؤمن فيصلى فيتذكر في القرآن بما قد أفسد ﴿ أَوْ يَذَّكَّرُ ﴾ في القرآن ﴿ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ ﴾ [آية: ٤] يعني الموعظة، يقول: أن تعرض عليه الإسلام فيؤمن فتنفعه تلك الذكرى ﴿ أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ ﴾ [آية: ٥] عن الله في نفسه يعني أمية بن خلف ﴿ فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ ﴾ [آية: ٦] يعني تدعو وتقبل بوجهك ﴿ وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ ﴾ [آية: ٧] يقول: وما عليك ألا يؤمن ولا يصلح ما قد أفسد، هؤلاء النفر.