قوله: ﴿ لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ ﴾ يعني اليهود والنصارى ﴿ وَٱلْمُشْرِكِينَ ﴾ يعني مشركى العرب ﴿ مُنفَكِّينَ ﴾ يعني منتهين عن الكفر والشرك، وذلك أن أهل الكتاب قالوا: متى يبعث الذي نجده في كتابنا، وقالت العرب:﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾[الصافات: ١٦٨، ١٦٩]، فنزلت ﴿ لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ ﴾ يعني اليهود والنصارى والمشركين، يعني مشركى العرب ﴿ مُنفَكِّينَ ﴾ يعني منتهين عن الكفر والشرك ﴿ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ ﴾ [آية: ١] محمد صلى الله عليه سلم فبين لهم ضلالتهم وشركهم. ثم أخبر الله عز وجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ﴿ رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً ﴾ [آية: ٢] يعني يقرأ صحفاً مطهرة، يعني كتاباً لأنها جماعة فيها خصال كثيرة، من كل نحو، مطهرة من الكفر والشرك يقول: يقرأ كتاباً ليس فيه كفر ولا شرك، وكل شىء فيه كتاب فإنه يسمى صحفاً. ثم قال: ﴿ فِيهَا ﴾ يعني في صحف محمد صلى الله عليه سلم ﴿ كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ﴾ [آية: ٣] يعني كتاباً مستقيماً على الحق ليس فيه عوج، ولا اختلاف، وإنما سميت كتب لأن فيها أموراً شتى كثيرة مما ذكر الله عز وجل في القرآن، ثم قال: ﴿ وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ ﴾ يعني اليهود والنصارى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ ﴾ [آية: ٤] يعني البيان يقول الله تعالى: لم يزل الذين كفروا مجتمعين على تصديق محمد صلى الله عليه وسلم، حتى بعث لأن نعته معهم في كتبهم، فلما بعثه الله عز وجل من غير ولد إسحاق اختلفوا فيه، فآمن بعضهم: عبدالله بن سلام وأصحابه من أهل التوراة، ومن أهل الإنجيل أربعون رجلاً منهم بحيرى، وكذب به سائر أهل الكتاب. يقول الله عز وجل: ﴿ وَمَآ أُمِرُوۤاْ ﴾ يقول: ما أمرهم محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ﴾ يعني به التوحيد ﴿ حُنَفَآءَ ﴾ يعني مسلمين غير مشركين ﴿ وَ ﴾ أمرهم أن ﴿ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ ﴾ الخمس المكتوبة ﴿ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ ﴾ المفروضة ﴿ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ ﴾ [آية: ٥] يعني الملة المستقيمة، ثم ذكر الله عز وجل المشركين يوم القيامة، فقال: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ ﴾ يقول: يقيمون فيها لا يموتون. ثم قال: ﴿ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ ﴾ [آية: ٦] يعني شر الخليقة من أهل الأرض، ثم ذكر مستقر من صدق النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ ﴾ [آية: ٧] يعني خير الخليقة من أهل الأرض ﴿ جَزَآؤُهُمْ ﴾ يعني ثوابهم ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ في الآخرة ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ﴾ لا يموتون ﴿ رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ ﴾ بالطاعة ﴿ وَرَضُواْ عَنْهُ ﴾ بالثواب ﴿ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [آية: ٨] في الدنيا، وكل شىء خلق من التراب فإنه يسمى البرية.


الصفحة التالية
Icon