﴿ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ ﴾ [آية: ١] لأنه أكثر أنهار الجنة خيراً، وذلك النهر عجاج يطرد مثل السهم طينه المسك الآذفر، ورضراضه الياقوت، والزبرجد، واللؤلؤ، أشد بياضاً من الثلج وألين من الزبد، وأحلى من العسل، حافتاه قباب الدر المجوف، كل قبة طولها فرسخ في فرسخ، وعرضها فرسخ في فرسخ، عليها أربعة آلاف مصراع من ذهب، في كل قبة زوجة من الحور العين، لها سبعون خادماً، فقال رسول الله صلى الله عليه سلم: " يا جبريل، ما هذه الخيام "؟ قال جبريل، عليه السلام: هذه مساكن أزواجك في الجنة، يتفجر من الكوثر أربعة أنهار لأهل الجنان التى ذكر الله عز وجل في سورة محمد صلى الله عليه وسلم: الماء، والحمر، واللبن، والعسل. ثم قال: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾ يعني الصلوات الخمس ﴿ وَٱنْحَرْ ﴾ [آية: ٢] البدن يوم النحر، فإن المشركين لا يصلون ولا يذبحون لله عز وجل ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ ﴾ [آية: ٣] وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد الحرام من باب بني سهم بن عمرو ابن هصيص، وأناس من قريش جلوس في المسجد، فمضى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجلس حتى خرج من باب الصفا، فنظروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج ولم يروه حين دخل، ولم يعرفوه، فتلقاه العاص بن وائل السهمي بن هشام بن سعد بن سهم على باب الصفا، وهو يدخل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد توفى ابنه عبدالله، وكان الرجل إذا مات ولم يكن له من بعده ابن يرثه، سمى الأبتر، فلما انتهى العاص إلى المقام، قالوا: من الذي تلقاك؟ قال: الأبتر. فنزلت: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ ﴾ يعني أن مبغضك هو الأبتر، يعني العاص بن وائل السهمي، هو الذي أبتر من الخير، وأنت يا محمد ستذكر معى إذا ذكرت فرفع الله عز وجل له ذكره في الناس عامة، فيذكر النبي صلى الله عليه وسلم في كل عيد للمسلمين في صلواتهم، وفي الآذن، والإقامة، وفي كل موطن حتى خطبة النساء الكلام، وفي الحاجات.


الصفحة التالية
Icon