سميت بذلك لذكر قصص جملة من الأنبياء فيها. قوله: (مكية) أي نزلت قبل الهجرة باتفاق. قوله: (أو اثنتا عشر آية) هذا خلاف مرتب على الخلاف في قوله تعالى:﴿ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ ﴾[الأنبياء: ٦٦] إلى قوله:﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾[الأنبياء: ٦٧] هل هو آية واحدة أو آيتان، وأول الثانية قوله:﴿ أُفٍّ لَّكُمْ ﴾[الأنبياء: ٦٧] الخ. قوله: (أهل مكة) أشار بذلك إلى أنه من إطلاق العام وإرادة الخاص وحاصل ذلك أن كفار قريش قالوا: محمد يهددنا بالبعث والجزاء على الأعمال وهذا بعيد، فأنزل الله ﴿ ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ ﴾ وجه قرب الحساب أنه آت لا محالة، وكل آت قريب، أو يقال إن قربه باعتبار ما مضى من الزمان، فإن ما بقي أقل مما مضى. قوله: ﴿ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ﴾ الجملة حالية أي قرب حسابهم، والحال أنهم غافلون معرضون غير متأهبين له، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهذه الآية، وإن كان سببها الرد على كفار مكة، إلا أن العبرة بعمومها. قوله: ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ ﴾ هذا في معنى العلة لما قبله، كأنه قال: معرضون لأنه يأتيهم من ذكر الخ. قوله: ﴿ مِّن رَّبِّهِمْ ﴾ الجار والمجرور متعلق بيأتيهم. قوله: (أي لفظ قرآن) دفع بذلك ما يقال: كيف وصف الذكر بالحدوث، مع أن المراد به القرآن وهو قديم؟ فأجاب: بأن وصفه بالحدوث باعتبار ألفاظه المنزلة علينا، وأما باعتبار المدلول، وهو الوصف القائم بذاته تعالى فهو قديم، وأما ما دلت عليه الألفاظ الحادثة، فمنها ما هو قديم، كمدلول آية الكرسي والصمدية، ومنها ما هو حادث، كمدلول القصص وأخبار المتقدمين، ومنها ما هو مستحيل، كمدلول ما اتخذ الله من ولد. قوله: ﴿ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ الجملة حالية من فاعل ﴿ ٱسْتَمَعُوهُ ﴾، وكذا قوله: ﴿ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾ والمعنى ما يقرأ عليهم القرآن، إلا استمعوه في حال استهزائهم، وكون قلوبهم غافلة عن معناه، فلا يسمعونه سماع تدبر وقبول، وكل آية وردت في الكفار، جرت بذيلها على عصاة الأمة، ففي هذه الآية، تحذير لمن يستمع القرآن في حال لهوه ولعبه، وأقبح منه من يطرب سماعه، من حيث اشتماله على الأنغام المعروفة، لا من حيث بلاغته ومواعظه وأحكامه وكونه من عند الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون. قوله: (بدل من واو وأسروا النجوى) أشار بذلك إلى أن أسر فعل ماض، والواو فاعله، و ﴿ ٱلنَّجْوَى ﴾ مفعوله، و ﴿ ٱلَّذِينَ ﴾ بدل، وهذه إحدى طريقتين للنحويين في الفعل الذي لحقته العلامة وأسند للظاهر، والطريقة الثانية: أن الواو حرف علامة، و ﴿ ٱلَّذِينَ ﴾ فاعل وتسمى بلغة أكلوني البراغيث، ولما كانت ضعيفة، لا ينبغي حملة الآية عليها، أعرض عنها المفسر. قوله: ﴿ هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾ بدل من ﴿ ٱلنَّجْوَى ﴾ مفسر لها، أي فكانوا يتناجون بذلك سراً بينهم، ثم يشيع كل واحد منهم مقالته ليضل غيره. قوله: ﴿ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ ﴾ أي تحضرونه وتقبلونه. قوله: ﴿ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ الجملة حالية من فاعل تأتون. قوله: ﴿ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ ﴾ أشار المفسر إلى أنه حال من القول، أي يعلم القول، حال كون القول كائناً في السماء والأرض. قوله: (للانتقال من غرض إلى آخر) أي فلا تقع بل في القرآن، إلا للانتقال لا للإبطال، لأنه يكون إضراباً عن الكلام السابق وإعراضاً عنه، لكونه صدر على وجه الغلط، وتنزه الله عنه، خلافاً لمن يقول إنها تأتي للإبطال، واستدل بقوله تعالى:﴿ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ﴾[الأنبياء: ٢٦]، وقوله:﴿ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ ﴾[المؤمنون: ٧٠] ولا دليل في ذلك، لأن بل فيهما للانتقال من الإخبار بقولهم، إلى الإخبار بالواقع، فتأمل. قوله: ﴿ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ ﴾ خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله: (هو)، والجملة مقول القول. قوله: ﴿ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ﴾ أي يأتي بكلام يخيل للسامع معاني لا حقيقة لها، وليس المراد بالشعر هنا، وخصوص الكلام والمقفى الموزون قصداً، بل ما هو أعم. قوله: ﴿ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ ﴾ جواب شراط مقدر، كأنه قيل: وإن لم يكن كما قلنا، بل كان رسولاً كما يزعم فليأتنا الخ. قوله: ﴿ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ ﴾ صفة لمصدر محذوف، والتقدير إتياناً كائناً مثل إرسال الأولين.