قوله: ﴿ ٱلْفُرْقَانَ ﴾ من الفرق فعله فرق من باب قتل، وبها قرئ قوله تعالى:﴿ فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ ﴾[المائدة: ٢٥] وقرئ شذوذاً من باب ضرب، وهو بالتخفيف في المعاني، وبالتشديد في الاجسام، ويقال فرقت بين الكلامين، ، وفرقت بين العبدين، والصحيح أنهما بمعنى واحد في المعاني والأجسام. قوله: (القرآن) أي ويسمى به البعض، كما يسمى به الكل، فالسورة الواحدة تسمى فرقاناً، والجميع يسمى فرقاناً، لأنه معجز للبشر، وفارق بين الحق والباطل، كلاً أو بعضاً، ويصح أن يراد به جملة القرآن، ويكون نزل مستعملاً في حقيقته، بالنسبة لما نزل إذ ذاك، وبمعنى المستقبل بالنسبة لما سينزل. قوله: (لأنه فرق بين الحق والباطل) أي ميز بينهما، وقيل لأنه نزل مفرّقاً في أوقات كثيرة. قوله: ﴿ عَلَىٰ عَبْدِهِ ﴾ إنما وصفه بهذا الوصف، لأنه أشرف الأوصاف وأعلاها. قوله: ﴿ لِيَكُونَ ﴾ علة لقوله: ﴿ نَزَّلَ ﴾ والضيمر عائد على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أكبر مذكور، ويصح أن يكون عائداً على الفرقان، أو المنزل، وهو الله تعالى، والأوضح الأول. قوله: (دون الملائكة) أشار بذلك إلى الإنذار خاص بالإنس والجن، لأن الملائكة لا تجوز عليهم المعاصي والمخالفة لعصمتهم من ذلك، وأن كان النبي عليه الصلاة والسلام أرسل لهم إرسال تكليف بما يليق بهم على المعتمد. والحاصل: أن إرسال النبي صلى الله عليه وسلم للثقلين إرسال تكليف، وكذا للملائكة، وأما للحيوانات التي لا تعقل والجمادات فإرسال تشريف. قوله: ﴿ نَذِيراً ﴾ أي وبشيراً، وإنما اقتصر على الإنذار، لأن السورة مكية، وفي ذلك الوقت لم يصلحوا للتبشير.


الصفحة التالية
Icon