قوله: ﴿ سَأَلَ ﴾ بالهمزة والألف قراءتان سبعيتان، فالهمز هو الأصل من السؤال وهو الدعاء، وأما قراءة الألف فيحتمل أنها بمعنى قراءة الهمزة، غير أنه خففت بقلب الهمزة ألفاً، والألف منقبلة عن واو، كخاف يخاف، والواو منقلبة عن الهمزة أو من السيلان، فالألف منقلبة عن ياء، والمعنى سال سائل، أي واد في جهنم، وأما سائل فبالهمز لا غير، لأن العين إذا أعلت في الفعل، تعل في اسم الفاعل أيضاً، وقد أعلت بالقلب همزة كقائل وبائع وخائف، واعلم أن مادة السؤال تتعدى لمفعولين، يجوز الاقتصار على أحدهما، ويجوز تعديته بحرف الجر، وحينئذ فيكون التقدير هنا: سأل الله أو النبي عذاباً واقعاً. قوله: (دعا داع) أشار بذلك إلى أن ﴿ سَأَلَ ﴾ من السؤال وهو الدعاء، ولما ضمن معناه تعدى تعديته، ويصح أن الباء زائدة للتوكيد كقوله تعالى:﴿ وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ ﴾[مريم: ٢٥] ويصح أن الباء بمعنى عن. قوله: ﴿ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرِينَ ﴾ أي سيقع، وعبر بذلك اشارة لتحقيق وقوعه، إما في الدنيا وهو عذاب يوم بدر، فإن النضر قتل يوم بدر صبراً، وإما في الآخرة وهو عذاب النار. قوله: ﴿ لِّلْكَافِرِينَ ﴾ اللام للتعليل، والتقدير نازل من أجل الكافرين، أو بمعنى على أي واقع؟ على الكافرين. قوله: ﴿ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴾ إما نعت آخر لعذاب، أو حال منه، أو مستأنف. قوله: (هو النضر بن الحرث) هذا قول ابن عباس، وقيل:" هو الحرث بن النعمان، وذلك أنه لما بلغه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي من كنت مولاه فعلي مولاه ". ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقبلناه منك، وأن نحج فقبلناه منك، وأن نصوم شهر رمضان في كل عام فقبلناه منك، ثم لم ترض حتى فضلت ابن عمك علينا؛ أفهذا شيء منك أم من الله تعالى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي لا إله إلا هو، ما هو إلا من الله ". فولى الحرث وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول حقاً، فأمطر علينا حجارة من السماء، فوالله ما وصل إلى ناقته، حتى رماه الله بحجر، فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله فنزلت "وقيل: أبو جهل، وقيل: جماعة من كفار قريش، وقيل: هو نوح عليه السلام سأل العذاب على كفار قومه. قوله: (قال اللهم) الخ، أي استهزاء وإيهاماً أنه على بصيرة، حيث جزم بطلانه. قوله: (متصل بواقع) أي متعلق به، وعيه فجملة ﴿ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴾ معترضة بين العامل والمعمول إن جعلت مستأنفة، وأما إن جعلت صفة لعذاب، فليست اعتراضية.