﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * حمۤ * وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ ﴾.
هذه السورة مكية قيل إلا قوله: انا كاشفوا العذاب ومناسبة هذه السورة أنه ذكر في أواخر ما قبلها فذرهم يخوضوا ويلعبوا فذكر تعالى يوماً غير معين ولا موصوف فبين في أوائل هذه السورة ذلك اليوم بوصف وصفه فقال فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين وإن العذاب يأتيهم من قبلك.﴿ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ ﴾ هو القرآن أقسم به تعالى والضمير في أنزلناه يكون عائداً عليه والليلة المباركة ليلة القدر قالوا: كتب الله كلها إنما أنزلت في رمضان.﴿ مُنذِرِينَ ﴾ أي مخوفين.﴿ فِيهَا ﴾ أي في الليلة المباركة.﴿ يُفْرَقُ ﴾ يفصل من غيره ويخلص ووصف أمر بحكيم أي أمر ذي حكمة وقد أبهم تعالى هذا الأمر فقال ابن عباس: في ليلة القدر يفصل كل ما في العام المقبل من الأقدار والأرزاق. والآجال وغير ذلك ويكتب لهم ذلك إلى مثلها من العام المقبل وأمراً مفعول بمنذرين.﴿ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾ مفعول من أجله والعامل فيه مرسلين.﴿ فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴾ قال ابن مسعود وغيره هو الدخان الذي رأته قريش قيل لعبد الله ان قاصاً عند أبواب كندة يقول انه دخان يأتي يوم القيامة فيأخذ بأنفاس الناس فقال من علم علماً فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم به وسأحدثكم" ان قريشاً لما استعصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليهم فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر "ما جعلها عليهم سنين كسني يوسف فأصابهم الجهد حتى أكلوا الجيف والعلهز والعلهز هو الصوف يقع فيه الفراد فيشوى الصوف بدم القراد ويؤكل وأكلوا العظام أيضاً وكان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان وكان الرجل يحدّث الرجل فيسمع الكلام ولا يرى المتكلم من الدخان فمشى إليه أبو سفيان ونفر معه فناشدوه الله والرحم وواعدوه ان دعا لهم وكشف عنهم أن يؤمنوا فلما كشف عنهم رجعوا إلى شركهم وفيه فرحمهم النبي صلى الله عليه وسلم وبعث إليهم بصدقة ومال وفيه فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالتهم فأنزل الله تعالى.﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ يعني يوم بدر وقال عبد الرحمٰن: خمس قد مضين الدخان واللزام والبطشة والقمر والروم.﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ ﴾ هذا كالمثال لقريش ذكرت قصة من أرسل إليهم موسى عليه السلام فكذبوه فأهلكهم الله تعالى.﴿ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴾ أي كريم عند الله تعالى وعند المؤمنين.﴿ أَنْ أَدُّوۤاْ ﴾ يحتمل أن تكون ان تفسيرية لأنه تقدم ما يدل على معنى القول وهو رسول كريم وان تكون مخففة من الثقيلة والناصبة للمضارع فإِنها توصل بالأمر طلب منهم أن يؤدوا إليه بني إسرائيل. و ﴿ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ أي بحجة واضحة في نفسها.﴿ وَإِنِّي عُذْتُ ﴾ أي استجرت.﴿ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ ﴾ كانوا قد توعدوه بالقتل فاستعاذ من ذلك.﴿ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي ﴾ أي تصدقوا.﴿ فَٱعْتَزِلُونِ ﴾ أي كونوا بمعزل مني وهذه متاركة حسنة.﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ ﴾ إن هؤلاء لفظ تحقير لهم.﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِي ﴾ في الكلام حذف أي فانتقم منهم فقال له الله تعالى: أسر بعبادي هم بنو إسرائيل ومن آمن من القبط.﴿ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ ﴾ أي يتبعكم فرعون وجنوده فتنجون ويغرق المتبعون.﴿ وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً ﴾ قال ابن عباس: ساكناً كما جزته.﴿ قَوْماً آخَرِينَ ﴾ هم بنو إسرائيل.﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ ﴾ إستعارة لتحقير أمرهم وانه لم يتغير عن هلاكهم شىء.﴿ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ ﴾ أي مؤخرين عن العذاب.