لما أوعد المكذبين أتبعه بنهي رسوله عن الضَّجر بتكذيبهم، ثم بَيَّن سُوْء عاقبة المكذبين فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ *طسۤمۤ ﴾: كما مر ﴿ تِلْكَ آيَاتُ ﴾: السورة أو القرآن آيات ﴿ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ ﴾: الظاهر إعجازه ﴿ لَعَلَّكَ ﴾: أشفق أنك ﴿ بَاخِعٌ ﴾: قاتل ﴿ نَّفْسَكَ ﴾: خيفة ﴿ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً ﴾: ملجئة إلى الإيمان ﴿ فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ ﴾: أفواجهم أو رؤسهم، يقال: جاءني عنق من الناس: أي: فوج منهم، أو مُقْحَمٌ أي: فظلوا ﴿ لَهَا خَاضِعِينَ ﴾: فيؤمنون ﴿ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ ﴾: قرآن ﴿ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ ﴾: إنزاله ﴿ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُواْ ﴾: به بحيث أدى بهم إلى الاستهزاء به ﴿ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾: عند حلول العذاب ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ﴾: عجائب ﴿ ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ ﴾: صنف ﴿ كَرِيمٍ ﴾: كثير النفع إذ ما نبت إالا وله نفع ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾: الإنبات ﴿ لآيَةً ﴾: على كمال قدرتنا ﴿ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ ﴾: في علمنا، فلا ينفعهم ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيز ﴾: في الانتقام ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾: بالمؤمنين ﴿ وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ﴾: بأن ﴿ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ ﴾: استئناف للتّضعجب من إفراط ظلمهم، اعلم أن تكرار هذه القصص لتأكيد التحدي، ولذا سمي القرآن مثاني أو لتسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتحسير الكفار حالا بعد حال على أن الائمة بينوا أن لكل منها فائدة مختصة، وأما أكثرية قصة موسى فلأنه في إقامة الحجج وإظهار المعجزات، إصرار قومه أنسب إلى محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ قَالَ ﴾: طلبا للمعونة: ﴿ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي ﴾: انفعالا عنه ﴿ وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ ﴾: جبريل ﴿ إِلَىٰ هَارُونَ ﴾: معي ﴿ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ ﴾: قصاص كما مر ﴿ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾: به ﴿ قَالَ ﴾: تعالى ﴿ كَلاَّ ﴾: لا يقتلونك ﴿ فَٱذْهَبَا ﴾: أنت وهارون ملتبسين ﴿ بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾: بالعون ﴿ مُّسْتَمِعُونَ ﴾: لما يجري بينكم ﴿ فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا ﴾: كلا منا ﴿ رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * أَنْ ﴾: بأن ﴿ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾: إلى الشام، فلما أديا الرسالة ﴿ قَالَ ﴾: فرعون ﴿ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا ﴾: في منازلنا ﴿ وَلِيداً ﴾: طفلا ﴿ وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ﴾: ثلاثين، ثم دعاهم ثلاثين وبقي بعد الغرق خمسين ﴿ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلْتَ ﴾: من قتل القبطي، أجمله لفظاعته ﴿ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ ﴾: بنعمتي بقتله ﴿ قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ ﴾: الجاهلين بأن وكزتي تقتله أو المخطئين ﴿ فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً ﴾: نبوة وعلما ﴿ وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ * وَتِلْكَ ﴾: التربية ﴿ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ ﴾: وهي ﴿ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾: وما عبدتني ولكنها لا تدفع رسالتي ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا ﴾: أي: شئ ﴿ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ ﴾: بين الجنسين ﴿ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ ﴾: الأشياء علمتم أن لها صانعا نبه به على انتفاخ بيان حقيقته ﴿ قَالَ ﴾: فرعون ﴿ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ ﴾: قوله؟ سألته عن حقيقة فأجاب بخواصه!! ﴿ قَالَ ﴾: موسى ﴿ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾: عدل إلى ما لا يشك في احتياجه إلى مصور حكيم ﴿ قَالَ ﴾: فرعون استهزاء: ﴿ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾: أسأله عن شيء ويجيبني عن آخر ﴿ قَالَ ﴾: موسى ﴿ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾: من أهل العقل، فآمنوا به فإن الإتيان بالشمس من المشرق إلى المغرب كل يوم على مدار حد غير الأول، على وجه ينتظم به أنور الكائنات ممّا يستدل عليه بوجود الصانع من له أدنى عقل لا يهتم لأنه أتى أولا بوصفهم بالإتقان، قلما رأى عنادهم عارضهم بمثل قولهم فيه فبهت فرعون و ﴿ قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ ﴾: أشار إلى سجن له تحت الارض لا يبصر ولا يسمع فيه أحد ﴿ قَالَ أَ ﴾: أتفعله ﴿ وَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ ﴾: مظهر لصدقي ﴿ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾: في دعواك ﴿ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾: كما مر ﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ ﴾: من جيبه ﴿ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾: كقطعة الشمس ﴿ قَالَ ﴾: فرعون ﴿ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾: في السحر ﴿ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾: تشيرون ﴿ قَالُوۤاْ أَرْجِهْ ﴾: أخره ﴿ وَأَخَاهُ ﴾: يحبسهما ﴿ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ ﴾: جامعين ﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴾: بين في الأعراف ﴿ فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ ﴾: لما وقت به من ﴿ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴾: وهو الضحى ﴿ وَقِيلَ لِلنَّاسِ ﴾: حثا على مبادرتهم ﴿ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ ﴾: في دينهم، أي: لا نتبع موسى ﴿ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ * فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ ﴾: لكم الأجر ﴿ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ ﴾: لأبطله ﴿ فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ﴾: جمع عصا ﴿ وَقَالُواْ ﴾: نقسم ﴿ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ * فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ ﴾: تبتلع ﴿ مَا يَأْفِكُونَ ﴾: يقلبونه عن وجهه بتزويرهم ﴿ فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴾: بين في الأعراف ﴿ قَالَ ﴾: مكرا لئلا يعتفد قومه أن إيمانهم عن بصيرة: ﴿ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ ﴾ فعلمكم شيئا دون شيء وغلبكم ﴿ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾: ما أفعل بكم ﴿ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾: كما مر ﴿ قَالُواْ لاَ ضَيْرَ ﴾: لا ضرر فيه ﴿ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴾: ولا يضيع أجرنا ﴿ إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ أَن ﴾: لأن ﴿ كُنَّآ أَوَّلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: من القبظ


الصفحة التالية
Icon