لَمَّا بَّينَ أنه مأْمورٌ بتلاوة القرآن وبَيَّن اهتداءَ مَنْ يتبعه، أتبعه بذكر شرف مَتْلُوّه فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * طسۤمۤ * تِلْكَ ﴾: الآيات ﴿ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ ﴾: القرآن أو اللوح ﴿ نَتْلُواْ ﴾: نقص ﴿ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ ﴾: ملتبسا ﴿ بِٱلْحَقِّ ﴾: الصدق ﴿ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾: فإنه ينتفعون به ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ ﴾: تكبر ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: نَصْر ﴿ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً ﴾: فرقا، صرف كل فرقة لخدمته ﴿ يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ ﴾: هم بنو إسرائيل ﴿ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ ﴾: لسماعة من الكهنة أن ذهاب ملكة بيد مولود منهم ﴿ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ﴾: للخدمة ﴿ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ * وَ ﴾: الحال أنا ﴿ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ ﴾: نتفضل بعد ذلك ﴿ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: بإنقاذهم منه ﴿ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ﴾: يُقْتدَى بهم ﴿ وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ ﴾: لملكه ﴿ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ ﴾: استعارة للتسليط ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: مصر والشام ﴿ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ ﴾: من بني إسرائيل ﴿ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ ﴾: من ذهاب ملكهم بما مر ﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ ﴾: إلهاما ﴿ أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾: ولا تسترضعي له ليأتيك فلا يقبل غيرك ﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ ﴾: من جواسيس فرعون ﴿ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ ﴾: بحر النيل ﴿ وَلاَ تَخَافِي ﴾: عليه من الغرق ﴿ وَلاَ تَحْزَنِيۤ ﴾: بهجره، ومضى الفرق بينهما ﴿ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾: فأرضعته ثلاثة أشهر، فلما خافت وضعته في تابوت وألقته في النيل ﴿ فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ ﴾: لام العاقبة ﴿ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ ﴾: فلا عجب في قتلهم أُلُوْفاً لأجله ثم تربيته ﴿ وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ﴾: حين وجد التابوت ورأت فيه غلاما بهيا وهم بقتله هو: ﴿ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ﴾ إذ أحباه حين رأياه ﴿ لاَ تَقْتُلُوهُ ﴾: فإنه كبير ليس ابن تلك السنة ﴿ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا ﴾: إذ في جبينه أثر اليمن ﴿ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ﴾: إذ مالنا ابن ﴿ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾: بأنه مهلكهم ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً ﴾: خاليا عن لصبر باستماعها أنهم التقطوه ﴿ إِن ﴾: إنها ﴿ كَادَتْ ﴾: قربت ﴿ لَتُبْدِي ﴾: القول ﴿ بِهِ ﴾: بأنه ابنها ﴿ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا ﴾: بالصبر، وجواب " لولا " مدلول كادت... ألى آخره ﴿ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: المصدقين بوعدنا برده إليها ﴿ وَقَالَتْ ﴾: أم موسى ﴿ لأُخْتِهِ ﴾: مريم: ﴿ قُصِّيهِ ﴾: اتبعي أثره، وتتبعي خبره ﴿ فَبَصُرَتْ بِهِ ﴾: أبصرته ﴿ عَن جُنُبٍ ﴾: بعد كأنها لا تريده ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾: أنها أخته ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ﴾: منعناه ﴿ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ ﴾: قبل رده إلى أمها ﴿ فَقَالَتْ ﴾: أخته ﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ﴾: بالإرضاع وغيره ﴿ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾: لا يقصرون في تربيته، فأجيبت: فأتت بأمه فالتقم ثديها عن سبب قبوله ثديها، والامتناع عن الغير فقالت: لطيب لبني ما أوتيت بصبي إلا قبلني فأعطوه إياها مع عطاء جزيل ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا ﴾: برؤيته كما مرَّ ﴿ وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ ﴾: مشاهدة ﴿ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ ﴾: هم الناس ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾: ذلك فيرتابون ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ﴾: منتهى قوته ثلاثين سنة ﴿ وَٱسْتَوَىٰ ﴾: عقله ببلوغ أربعين ﴿ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ﴾: أي: علم الحكماء والعلماء ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾: الجزاء ﴿ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ ﴾: مصر حين خرج من فصر فرعون ﴿ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا ﴾: وقت القيلولة ﴿ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا ﴾: إسرائيلي ﴿ مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا ﴾: قبطي ﴿ مِنْ عَدُوِّهِ ﴾: والإشارة على الحكاية ﴿ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ﴾: فقال له موسى: خل سبيله، فلم يقبل ﴿ فَوَكَزَهُ ﴾: ضربه ﴿ مُوسَىٰ ﴾: بجميْع كفه ﴿ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ﴾: قتله، ثم دفنه في الرمل ﴿ قَالَ ﴾: موسى: ﴿ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ ﴾: إذ لَمْ يُؤْمر بقتل الكفَّار ﴿ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ﴾: بين الضلال ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِ ﴾: بقتله ﴿ فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ ﴾: بحق إنعامك ﴿ عَلَيّ ﴾: اعصمني ﴿ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً ﴾: معينا ﴿ لِّلْمُجْرِمِينَ ﴾: لمن أردت مظاهرته إلى الجرم ﴿ فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ ﴾: ينتظر ما يناله من جهة القتل ﴿ فَإِذَا ﴾: الاسرائيلي: ﴿ ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ﴾: يستغيثه على قبطي ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ﴾: لما فعلت وتفعل ﴿ فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا ﴾: أي: القبطي ﴿ قَالَ ﴾: الإسرائيلي: ﴿ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ ﴾: ظن أنه يبطش به لما قاله له ﴿ إِن ﴾: ما ﴿ تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ ﴾: فلما سمعه القبطي أخبر فرعون فأمر بقتل موسى


الصفحة التالية
Icon