لما ذكر تكذيبهم وقدرته تعالى عليهم أتبعه بتهديدهم وبيان حقارتهم فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * وَٱلسَّمَآءِ وَ ﴾: الكوكب ﴿ ٱلطَّارِقِ ﴾: أي: البادي بالليل ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾: أعلمك ﴿ مَا ٱلطَّارِقُ ﴾: هو ﴿ ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ ﴾: المضيء يثقب الظلام، فسّره عليٌّ وغيره بزحل، [فإن نوره يثقب سبع سماوات] وقيل: غيره ﴿ إِن ﴾: أي: ما ﴿ كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا ﴾: أي: إلا ﴿ عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾: لرزقها وأجلها وعملها، ويتخفيف لما، وإن مخففة ﴿ فَلْيَنظُرِ ﴾: ليتفكر ﴿ ٱلإِنسَانُ مِمَّ ﴾: من أي: شيء ﴿ خُلِقَ ﴾: ليعرف صحة البعث ﴿ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ ﴾: ذي دفق وصب في الرحم ﴿ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ ﴾: للرجل ﴿ وَٱلتَّرَآئِبِ ﴾: أي: عظام الصدر والنحر للمرأة أو للرجل أيضاً، وإنما خصهما مع أن المشهور وإن لم يعتد به شرعا أنه فضل الهضم الرابع، وينفصل عن جميع الأعضاء كما بين في موضعه لأن الدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليده، ولذا يسرع إليه الضعف بإفراط الجماع وخليفته النخاع، وهو في الصلب، وله شعب كثيرة نازلة إلى الترائب، وهي أقرب إلى أوعية المني، وأيضا: المشهور أن معظم أجزائه من الدماغ، فينزل ويجتمع في الأنثيين، فلا بد من مروره بين الصلب والترائب ﴿ إِنَّهُ ﴾: تعالى ﴿ عَلَىٰ رَجْعِهِ ﴾: بعد موته ﴿ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَىٰ ﴾: تتميز ﴿ ٱلسَّرَآئِرُ ﴾: الضمائر خبيثها من طيبها ﴿ فَمَا لَهُ ﴾: أي: للإنسان ﴿ مِن قُوَّةٍ ﴾: على دفع العذاب ﴿ وَلاَ نَاصِرٍ ﴾: يدفعه ﴿ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ ﴾: في دورانها، أو الم طر الراجع أوقاته.
﴿ وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ ﴾: أي الشق بالنبات وغيره ﴿ إِنَّهُ ﴾: القرآن أو المذكور ﴿ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾: فاصِلأ بين الحقِّ والباطل ﴿ وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ ﴾: أي: اللعب ﴿ إِنَّهُمْ ﴾: أي الكفار ﴿ يَكِيدُونَ كَيْداً ﴾: في إبطاله ﴿ وَأَكِيدُ كَيْداً ﴾: أقابلهم بما يشبه من الاستدراج ﴿ فَمَهِّلِ ﴾: أَنْظر ﴿ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ ﴾: تأكيدٌ، وغير البنْيَةَ لزيادة التّصبُّر لإشعاره بالتغارير إمْهَالاً ﴿ رُوَيْداً ﴾: يسيرا، فقتلوا ببدر، ونسخ بالقتال، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.


الصفحة التالية
Icon