القاعدة الرابعة عشرة: حذف المتعلق المعمول فيه: يفيد تعميم المعنى المناسب له
وهذه قاعدة مفيدة جداً، متى اعتبرها الإنسان في الآيات القرآنية أكسبته فوائد جليلة.
وذلك أن الفعل وما هو معناه متى قيد بشيء تقيد به، فإذا أطلقه الله تعالى، وحذف المتعلق كان القصد من ذلك التعميم، ويكون الحذف هنا أحسن وأفيد كثيراً من التصريح بالمتعلقات، وأجمع للمعاني النافعة.
ولذلك أمثلة كثيرة جداً:
منها: أنه قال في عدة آيات ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥١، ١٥٢، ١٥٣] فيدل ذلك على أن المراد: لعلكم تعقلون عن الله كل ما أرشدكم إليه وكل ما علمكموه، وكل ما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة، ولعلكم تذكرون، فلا تنسون ولا تغفلون، فتكونون دائماً متيقظين مُرْهفي الحواس تحسون كل ما تمرون به من سنن الله وآياته، فتذكرون جميع مصالحكم الدينية والدنيوية، ولعلكم تتقون جميع ما يجب اتقاؤه من الغفلة والجهل والتقليد، وكل ما يحاول عدوكم أن يوقعكم فيه من جميع الذنوب والمعاصي، ويدخل في ذلك ما كان سياق الكلام فيه وهو فرد من أفراد هذا المعنى العام.
ولهذا كان قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٣] : يفيد كل ما قيل في حكمة الصيام، أي لعلكم تتقون المحارم عموماً، ولعلكم تتقون ما حرم الله على الصائمين من المفطرات والممنوعات، ومن كل الأحوال والصفات السيئة والخبيثة، ولعلكم تتصفون بصفة التقوى، وتحصلون على كل ما يقيكم مما تكرهون، وتتخلقون بأخلاقها، وهكذا سائر ما ذكر فيه هذا اللفظ مثل قوله ﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] أي المتقين لكل ما يُتقى من الكفر والفسوق والعصيان، المؤدين للفرائض