وإن كان جداله متصفاً بالعلم: ﴿ولا هدى﴾ أي وارد عمن عهد منه سداد الأقوال والأفعال بما أبدى من المعجزات والآيات البينات، فوجب أخذ اقواله مسلمة وإن لم يظهر معناها.
ولما كان القول قد يكون مقبولاً لاستناده إلى الله تعالى وإن لم يكن اصلاً معقولاً، قال: ﴿ولا كتاب﴾ أي من الله؛ ووصفه بما هو لازمه لا ينفك عنه فقال: ﴿منير*﴾ أي بين غاية البيان، مبين لغيره على عادة بيان الله سبحانه وتعالى، أو يكون أريد بالوصف الإعجاز لإظهاره قطعاً أنه من الله، فإنه ليس كل كتاب الله كذلك.
ولما كان المجادل بغير واحد من هذه الثلاثة تابعاً هواه مقلداً مثله قطعاً، وكان حال المجادلين هذا لظهور أدلة الوحدانية عجباً، عجب منهم تعجيباً آخر بإقامتهم على الضلال مع إيضاح الادلة فقال: ﴿وإذا قيل﴾ أي من أيّ قائل كان. ولما كان ضلال الجمع أعجب من ضلال الواحد، وكان التعجيب من جدال الواحد تعجيباً من جدال الاثنين فأكثر من باب الأولى، أفرد أولاً وجمع هنا فقال: ﴿لهم﴾ أي للمجادلين هذا الجدال: ﴿اتبعوا ما﴾ أي ابذلوا جهدكم في تبع الذي، وأظهر لزيادة التشنيع أيضاً فقال: ﴿أنزل الله﴾ الذي خلقكم وخلق آباءكم الأولين، وهو الذي لا عظيم إلا هو ﴿قالوا﴾


الصفحة التالية
Icon