هذا المقصد القتال، فإن من المعلوم أنه لأهل الضلال) بسم الله (الملك الأعظم الذي أقام جنده للذب عن حماه) الرحمن (الذي عمت رحمته تارة بالبيان وأخرى بالسيف والسنان) الرحيم (الذي خص حزبه بالحفظ في طريق الجنان.
لما أقام سبحانه الأدلة في الحواميم حتى صارت كالشمس، لا يزيغ عنها إلا هالك، وختم بأنه يهلك بعد هذه الأدلة القوم الفاسقون، افتتح هذه بالتعريف بهم
فقال سبحانه وتعالى: ﴿الذين كفروا﴾ أي ستروا أنوار الأدلة فضلوا على علم ﴿وصدوا﴾ أي امتنعوا بأنفسهم ومنعوا غيرهم لعراقتهم في الكفر ﴿عن سبيل الله﴾ أي الطريق الرحب المستقيم الذي شرعه الملك الأعظم ﴿أضل﴾ أي أبطل إبطَّالاً عظيماً يزيل العين والأثر ﴿أعمالهم *﴾ التي هي أرواحهم المعنوية وهي كل شيء يقصدون به نفع أنفسهم من جلب نفع أو دفع ضر بعد أن وفر سيئاتهم وأفسد بالهم، ومن جملة أعمالهم ما يكيدونكم به لأنها إذا ضلت عما قصدوا بها بجعله سبحانه لها ضالة ضائعة هلكت من جهة أنها ذهبت في المهالك ومن جهة أنها ذهبت في غير الجهة التي قصدت لها فبطلت منفعتها المقصودة منها فصارت هي باطلة فأذهبوا أنتم أرواحهم الحسية بأن تبطلوا صورهم وأشباحهم بأن تقطعوا أوصالهم