القرآن كما كان مقصود الفاتحة التي هي أول القرآن مراقبة الله، وابتدئ ثاني المفصل بحرف منن الحروف المقطعة كما ابتدئئ ثاني ما عداه بالحروف المقطعة، واسمها الحجرات واضح الدلالة على ذلك بما دلت عليه آيته) بسم الله (الملك الجبار المتكبر الذي من أخل بتعظيم رسوله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لم يرض عنه عملا) الرحمن (الذي من عموم رحمته إقامة الآداب للتوصل إلى حسن المآب) الرحيم (الذي خص أولي الألباب الإقبال على ما يوجب لهم جميل الثواب.
ولما نوه سبحانه في القتال بذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ابتدائها باسمه الشريق وسمى السورة به، وملأ سورة محمد بتعظيمه، وختمها باسمه، ومدح أتباعه لأجله، افتتح هذه باشتراط الأدب معه في القول والفعل للعد من حزبه والفوز بقربه، ومدار ذلك معالي الأخلاق، وهي إما مع الله سبحانه وتعالى أو مع رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو مع غيرهما وإن كان كل قسم لا يخلو عن لحظة الآخر، وغيرهما إما أن يكون داخلاً مع المؤمنين في رتبة الطاعة أو خارجاً عنها، وهو الفاسق، والداخل في طاعة المؤمنين السالك لطريقتهم إما أن يكون حاضراً عندهم أو غائباً عنهم، فهذه خمسة أقسام، فصل النداء بسببها خمس مرات، كل مرة لقسم منها، وافتتح بالله لأن الأدب معه هو