إن الشريعة الإسلامية أتت بنظام في الميراث لم تسبق بمثله ولم يصل إليه من بعد لاحق، ولا يزال إلى اليوم أدق الموازين في توزيع التركات، وأحكمها في تحقيق العدالة بين الوارثين.
وإن أول ما يلاحظه الدارس لكتب الله وسنة رسوله أنه جعل نظام التوريث إجبارياً في الثلثين، وجعله اختيارياً في الثلث، فجعل للمورث الحق في الثلث يتصرف فيه بعد الموت بالوصية لمن يشاء، والأثكرون على أن ذلك الثلث إن أراد الوصية فيه لا تكون لوارث حتى لا يغير قسمة الله التي قسمها، وذلك لقوله عليه السلام: "إن الله فرض الفرائض وأعطى كل ذي حق حقه فلا وصيى لوارث" ولأن إعطاء بعض الورثة بالوصية دون الآخر تغيير لقسمة الله في المواريث والفرائض، فبدل أن تكون للبنت النصف يكون لها النصف والثلث، ولقد قرر ذلك النظر جعفر الصادق - رضي الله عنه -، والحكم كذلك في كل المال إن لم تكن وصية يكون إجبارياً بالنسبة للوارث، ولقد قرر الفقهاء أنه لا شيء يدخل في ملك الشخص جبراً عنه إلا الميراث.
ولقد جعل الشارع الوراثة الإجبارية في الأسرة لا تعدوها، أراد المورث ذلك أم لو يرده، لأن ذلك من عمل الشارع الحكيم، لأنه أراد أن يصل العلاقات في الأسرة بالمودة العاطفية وبالمال يساعد بعضها بعضاً به في الحياة ويخلف القريب قريبه فيه بعد الوفاة،


الصفحة التالية
Icon