وقوله عز وجل: ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١) إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢) ﴾.
قال قتادة: تبوئ: تهيئ، وتنزل. غدا نبي الله - ﷺ - من أهله إلى أُحُد يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال، قال مجاهد: يمشي على رجليه، فجعل يصّف أصحابه للقتال.
وقوله تعالى: ﴿إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
قال قتادة: وذلك يوم أحد. والطائفتان: بنو سلمة، وبنو حارثة، حيان من الأنصار هموا بأمر فعصمهم الله من ذلك. وقد ذكر لنا أنه لما نزلت هذه الآية قالوا: لم يسُرُّنا إنا لم نهم بالذي هممنا به، وقد أخبرنا الله أنه ولينا. وقال السدي: خرج رسول الله - ﷺ - إلى أحد في ألف رجل، وقد وعدهم الفتح إن صبروا، فلما رجع عبد الله بن أبيّ بن سلول في ثلاثمائة، فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم، فلما غلبوه وقالوا له: ما نعلم قتالاً، ولئن أطعتنا لترجعن معنا، وقال: ﴿إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ﴾، وهم: بنو سلمة، وبنو حارثة هموا بالرجوع حين رجع عبد الله بن أبيّ فعصمهم الله، وبقي رسول الله - ﷺ - في سبعمائة. قال ابن عباس: الفشل: الجبن.
قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ
رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (١٢٤) بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِندِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ (١٢٧) ﴾
.
قال ابن إسحاق: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ﴾، يقول: وأنتم أقل عددًا وأضعف قوة، فاتقوا الله لعلكم تشكرون، أي: فاتقون؛ فإنه شكر نعمتي. قال قتادة: وبدر ماء بين مكة والمدينة التقى عليه نبي الله - ﷺ - والمشركون، وكان أول قتال قاتله نبي الله - ﷺ - والمشركون. وذكر لنا أنه قال لأصحابه يومئذٍ: أنتم اليوم بعدة أصحاب طالوت يوم لقي جالوت. فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، والمشركون يومئذٍ ألف، أو راهقوا ذلك.
وقوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ


الصفحة التالية
Icon