وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾، قال مجاهد: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً﴾ متكبرًا، ﴿فَخُوراً﴾، قال: بعد ما أعطي، وهو لا يشكر الله. قال أبو رجاء: لا تجد سيِّئ الملكة إلا وجدته مختالاً فخورًا. وتلا: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ
يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾، ولا عاقًا إلا وجدته جبارًا شقيًا، وتلا: ﴿وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً﴾.
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ﴾. قال طاووس: البخل: أن يبخل الإنسان بما في يديه. والشح: أن يشح على ما في أيدي الناس. قال يحب أن يكون له ما في أيدي الناس بالحل والحرام لا يقنع. وقال قتادة في قوله: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾، هم: أعداء الله أهل الكتاب، بخلوا بحق الله عليهم، وكتموا الإسلام ومحمدًا - ﷺ -، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل.
قال ابن كثير: والظاهر أن السياق في البخل بالمال، وإن كان البخل بالعلم داخلاً في ذلك بطريق الأولى، فإن السياق في الإنفاق على الأقارب والضعفاء.
وقوله تعالى: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً﴾.
قال ابن كثير: فالبخيل جحود لنعمة الله، ولا تظهر عليه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ﴾، أي: بحاله وشمائله. وقال ها هنا: ﴿وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ﴾ ولهذا نوعدكم بقوله: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً﴾ والكفر: هو الستر والتغطية، فالبخيل يستر نعمة الله عليه ويكتمها