مقدمة في تريتب السور
مدخل
...
مقدمة في ترتيب السور:
اختلف العلماء في ترتيب السور، هل هو بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم- أو باجتهاد من الصحابة؟ بعد الإجماع على أن ترتيب الآيات توقيفي، والقطع بذلك.
فذهب جماعة إلى الثاني؛ منهم: مالك، والقاضي أبو بكر١ في أحد قوليه، وجزم به ابن فارس٢.
ومما استدل به لذلك: اختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور، فمنهم من رتبها على النزول، وهو مصحف علي، كان أوله: "اقرأ" ثم البواقي على ترتيب نزول المكي، ثم المدني، ثم كان أول مصحف ابن مسعود "البقرة" ثم "النساء" ثم "آل عمران" على اختلاف شديد، وكذا مصحف أبي بن كعب وغيره، على ما بينته في الإتقان٣.
وفي المصاحف لابن أشتة بسنده عن عثمان أنه أمرهم أن يتابعوا الطُّوَل٤.

١ هو القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني المتكلم المشهور، صاحب كتاب إعجاز القرآن والتقريب وغيره، توفي سنة ٤٠٣هـ. وفيات الأعيان لابن خلكان "١/ ٤٨١"، وشذرات الذهب "٢/ ٥٧". انظر قول الباقلاني في الانتصار للقرآن "١/ ١٦٨" وما بعدها.
٢ هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب الرازي اللغوي، وهو من أكابر أئمة اللغة في وقته، محتجًّا به في جميع الجهات غير منازع، وكان يناظر في الفقه، توفي سنة ٣٩٥هـ، ترجمته في إنباه الرواة "١/ ٩٤"، ويتيمة الدهر "٣/ ٤٠٠"، وتلخيص ابن مكتوم "١٥"، وكلام ابن فارس هذا في "المسائل الخمس" ذكره الزركشي في البرهان "١/ ٢٣٧".
٣ انظر هذا الاختلاف في المصاحف في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي "١/ ٥١"، والإتقان: "١/ ٢١٦"وفيه أن ابن فارس يجزم بترتيب الطول والمئين والمفصل بالتوقيف، أما وضع كل مجموعة تلو الأخرى فمن الصحابة.
٤ انظر: الإتقان "١/ ٢١٦" من طريق إسماعيل بن عياش إلى أبي محمد القرشي، وإسماعيل فيه كلام "الضعفاء، من اسمه إسماعيل"، وابن أشتة هو محمد بن عبد الله بن أشتة أحد العلماء بالعربية والقراءات، ألف في المصاحف وشواذ القراءات، توفي سنة ٣٠٦هـ "طبقات القراء ٢/ ١٨٤"، وانظر المصاحف لابن أبي داود "٣٤ و٥٣" وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon