بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فإن القرآن الكريم هو المعجزة العقلية الباهرة التي أيَّدَ الله بها خير خلقه، وخاتم أنبيائه -صلوات الله وسلامه عليه.
وهو خالد في إعجازه لا يزيده التقدُّم العلميُّ إلا رسوخًا في الإعجاز، وهو حجة الله البالغة على خلقه، تعبدهم بتلاوته وتدبره، وفهمه والعمل به، وأطلعهم من خلاله على بعض أسراره في ملكه وملكوته.
وهو كتاب الهداية، ومنهج الحياة، بيَّنَ فيه لعباده ما يحلُّ لهم، وما يحرِّمُ عليهم، وما ينفعهم، وما يضرهم، بإسلوب واضح مشرق، لا عوج فيه ولا التواء.
وعبَّرَ عن واقعهم، ولبَّى رغباتهم على اختلاف أجناسهم وبيئاتهم، وأزمانهم.
فما من شيء يحتاجون إليه في شئونهم الخاصة والعامة إلَّا شمله تشريعه، ووسعه بيانه.
قال تعالى في سورة النحل: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ ١.
فكان بحقٍّ كتابًا جامعًا أفاض في شرح الحقوق والواجبات إفاضة واسعة، تضمنتها أحكام جامعة، وقواعد كلية، يندرج تحتها كل ما جَدَّ ويَجِدُّ في شئون الحياة، وأناط بالرسول -عليه الصلاة والسلام- بيان ما قد يغمض على بعض
١ آية: ٨٩.