المبحث الخامس: تنزلات القرآن
١- نزل القرآن أولًا من الله تعالى إلى اللوح المحفوظ بكيفية لا نعلمها، الله يعلمها.
قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ ١.
"ومعنى إنزاله في اللوح المحفوظ مجرَّد إثباته فيه، من غير نظر إلى علوٍّ وسفل، وحكمة هذا النزول ترجع إلى الحكمة من وجود اللوح نفسه، فإنه السجل الجامع لما كان وما سيكون إلى يوم القيامة، وقد بيَّن الله حكمة وجوده بقوله:
﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ ٢، ٣.
٢- ثم نزل من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة مباركة هي ليلة القدر.
قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾ ٤.
وقال جل شأنه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾.
وقال عز من قائل:
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ ٥.
وليلة القدر من ليالي شهر رمضان كما هو معلوم.
فهذه الآيات الثلاث تدل بمجموعها على أن هذا القرآن العظيم قد نزل غير مُنَجَّمٍ، مما يدل على أنه نوع آخر من أنواع التنزُّلات غير النوع الذي أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم.

١ البروج: ٢١-٢٢.
٢ الحديد: ٢٢-٢٣.
٣ الآلئ الحسان ص١٢.
٤ الدخان: ٣.
٥ البقرة: ١٨٥.


الصفحة التالية
Icon