٧- تقويم آراء القدماء من النحويين والقراء:
وإذا وصلت إلى تقويم آراء القدامى أقول:
أما سيبويه فقد كان على حق؛ لأنه حين احتج بمصحف ابن مسعود١، ومصحف أُبي مثلًا٢، احتج بما هو جائز في العربية، موثق بالأسانيد، وإن خالف رسم المصحف الإمام، ويكفي لتجويز إعراب ما أن تستشهد بما في مرسوم المصاحف التي كانت قبل المصحف الإمام؛ إذ كانت كما قلت موثقة الإسناد، ولكن لا يقرأ بها لمخالفتها المصحف المجمع عليه.
ومسلك سيبويه يبدو طبيعيًّا؛ إذ كانت صفته الأولى والباقية على الدهر أنه نحوي ينظر إلى المصاحف على عمومها، محتجًّا بما جاء في مرسومها، غير متقيد بمصحف الإمام؛ ما دامت المصاحف الأخرى كافية على الاحتجاج على المذاهب الإعرابية في فنون الكلام.
وصحيح من الفراء، والزجاج أن يرفض كل مخالفة رسم المصحف فيما يتعلق بنقص٣ أو تبديل٤..... من مرسوم المصحف الإمام، فهذه هي المخالفة المردودة على ما انتهت إليه من قريب. أما القراءات التي يحتملها الرسم العثماني وكانت ترجع في أساسها الأول إلى السنة على النحو الذي فصلت في قول الزجاج بالأثر، فلا داعي لإقحام الاحتجاج برسم المصحف فيها، فالنص على ذلك أمر لا ضرورة له، وأرجو أن ترجعوا إلى تفسير ذلكم في مكانه من هذا البحث.
وأقول لابن خالويه من حيث مسلكه في الاحتجاج مثل ما قلت للزجاج، وأزيد أن ابن خالويه بالغ في أن جعل ثواب الله أكبر بقراءة الإظهار في قوله

١ الكتاب: ١/ ٢٨١.
٢ الكتاب: ١/ ٤٨١.
٣ كقراءة: "فإذًا لا يؤتوا الناس نقيرًا".
٤ كقراءة: "فإذا اطبأننتم".


الصفحة التالية
Icon