النّصُّ المحقّقّ

بسم الله الرحمن الرحيم

وَصَلّى الله على سَيّدنا محمد وعلى آلِهِ وصحبه وَسَلّم..

بسم الله الرحمن الرحيم

ذهب البصريون إلى أنّ التقدير: ابتدائي بسم الله، فبسم عندهم خبر مبتدأٍ محذوف ١.
وذهب الكوفيُّون إلى أنه في تقدير: أبدأ بسم الله ٢، والفعل الّذي لا يَصلُ إلاّ بحرف الجر يَضْعفُ حَذْفُهُ وقَدْ جاء ولكنَّه قليلٌ ٣، وأمَّا جَعْلُ المجِرورِ خبرَ مبتدأٍ محذوفٍ فكثير.
وقد جاء بعضُ المتأخّرِينَ وذَهَبَ إلى أنَّهُ يجوزُ أن يكون المجِرور مُتعلّقاً بفعلٍ تدلّ عليه الحال، تقديره: أقرأ بهذا (٤) ٤وأكتب بهذا، على معنى مُسْتعيناً به، وقد يحذف الفعل لدلالة الحال عليه.
وهذا لا يصحّ؟ لأنّ الحالَ لا تدُلُّ على الفِعْلِ حتّى يَصلَ بنفسه، لا تقولُ: بزيد، تريدُ مرّ بزيدٍ، وإن كان معك من الحال ما يدلّ على ذلك، وتقولُ لِمَنْ أشالَ سَوْطاً، أو أشَهَرَ سَيْفاً: زَيْداً، على معنى: اضْرِبْ زيداً. فالحالُ لا تَدُلُّ على الفِعلِ حتّى يكون
١ينظر: إعراب القرآن للنحاس ١/ ١٢٦، ومشكل إعراب القرآن ١/ ٦، والتبيان في غريب إعراب القرآن ٣١/١-٣٢، لإملاء ما منّ به الرحمن ٤/١.
٢ينظر المصادر السابقة، وتفسير الطبري ١/ ١١٤.
٣هذا توهن من أبى الربيع لمذهب الكوفيين في المسألة، وترجيح لما قرره البصريون، وقد رد مكى ابن أبى طالب قول البصريين، وقرر ما فصب إليه الكوفيون، فقال: لأنه لا يحسنُ تعليق الباء بالمصدر الذي هو مضمر؛ لأنه داخل في صلته فبقى الابتداء بدون خبر.. ينظر مشكل إعراب القرآن ٦/١.
٤قريب من هذا القول ما أصرفه الزمخشرى في الكشاف ٢٦/١-٢٧ ويغلب أنه المعني بهذا الرد بدليل ما ورد بعده من تفصيل في بيان متعلق الجار والمجرور في آية النمل (في تسع آيات إلى فرعون) وتوجيه ابن أبى الربيع لذلك.


الصفحة التالية
Icon