سُورَةُ النَّجْم
قوله تعالى: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١)
وقدْ أفْتَى قاضي القضاةِ أبو بكرٍ محمدُ بنُ المظفرِ الشاميُّ الشافعيُّ - وكانَ
أحدَ العُلماءِ الصَّالحينَ الزُّهادِ، الحاكمينَ بالعدلِ وكانَ يُقالُ عنْهُ: لو رُفِعَ
مذهبُ الشافعيِّ من الأرضِ لأمْلاهُ من صدرِه - بتحريمِ الغناءِ، وهذه صورةُ
فُتياهُ بحروفِهَا، قال: لا يجُوزُ الضربُ بالقضيبِ ولا الغناءُ ولا سماعُه، ومن
أضافَ هذا إلى الشافعيِّ فقدْ كذبَ عليهِ.
وقد نصَّ الشافعيّ في كتابِ "أدبِ القضاءِ": أنَّ الرجلَ إذا داوَم على سماع الغناءِ، رُدّتْ شهادته، وبطلتْ عدالتُه.
وقال اللَّه تعالى: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١).
قاِل ابنُ عباسٍ: معناه تُغَنُّون بلغةِ حِمير.
وقال اللَّهُ عزَّ جلَّ: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) جاءَ في التفسير: أنه الغناءُ والاستماعُ إليهِ.
ورُوي عن رسُول اللَّهِ - ﷺ - أنَّه قالَ:
"إن اللهَ كَرِهَ صوتينِ أحمقَينِ فاجِرَينِ: صوتٌ عند نعمة، وصوتٌ عندَ مصيبة".
يُريد بذلكَ الغناءَ والنوحَ.
وقال ابنُ مسعود: الغناًءُ خِطبةُ الزِّنا.
وقالً مكحول: الغناءُ ينبتُ النفاقَ في القلبِ، كما ينبتُ السَّيلُ البقْلَ. واللَّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon